الحقيقة: سنصحو على الواقع كما كان عشية 7 أكتوبر
المؤرخ الإسرائيلي إيال زيسر يناقش في مقالٍ له على "إسرائيل اليوم" التفاؤل بتحقيق صفقة لتحرير المخطوفين، مع شكوك حول أسس هذا التفاؤل، ويتوقع أن نجاح الصفقة قد ينهي الحرب، لكنه يؤكد على ضرورة مصارحة الجمهور الإسرائيلي بالواقع المتوقع بعدها.
من تقارير وسائل الإعلام وكذا من تسريبات كبار المسؤولين عندنا، نعلم بتقدم ذي مغزى، لدرجة اختراق طريق، في الاتصالات لتحقيق صفقة تحرير مخطوفين.
في هذا التفاؤل يتشارك الأميركيون، الوسطاء في قطر وفي مصر وحتى زعماء حماس، ممن يتوقعون بأن يتحقق الاتفاق قريباً.
تغير موقف حماس
غير أنه ليس واضحاً إلى ماذا يستند هذا التفاؤل، إلا إذا كان أحد ما – في جانب حماس، أو معقول أكثر في جهتنا – لا يقول الحقيقة بالنسبة لشروط الصفقة المتبلورة وتفاصيلها.
في إسرائيل يروون أن حماس لطفت مواقفها وأنها توافق الآن على صفقة لا تتضمن تعهداً إسرائيلياً بإنهاء الحرب.
يعزى التغيير في موقف المنظمة إلى الضغط الذي تمارسه عليها قواتنا العاملة في قطاع غزة.
هذه «قصة جيدة» ستخدم عندنا محاولة خلق رواية نصر وحسم في أننا «أخضعنا» حماس وأجبرناها على الاستجابة لشروطنا.
المشكلة هي أن ليس لهذه القصة أي علاقة بالواقع. وبعامة، الادعاء بأن حماس تعيش حالة ضغط وأنها تهتم بضائقة السكان في غزة، يتناقض وحقيقة أن يحيى السنوار وشركاءه كانوا مستعدين لأن يخرجوا إلى هجمة الإرهاب الإجرامية في 7 أكتوبر ويتركوا مليونين من سكان القطاع لمصيرهم.
فلماذا فجأة سيبدون اكتراثاً بمصير الغزيين. مقابل القصة الإسرائيلية، ففي الجانب العربي، سواء في القاهرة أم في الدوحة يروون أن واشنطن قدمت لحماس ضمانات تفيد بأنه في أعقاب صفقة إعادة المخطوفين، ستنسحب إسرائيل من القطاع وسيوضع حد للحرب.
وهكذا عملياً – حتى لو لم يعترف أحد في واشنطن أو في القدس لذلك – سيتاح لحماس الحفاظ على حكمها في غزة.
فجوة غير قابلة للجسر
يجدر بالذكر أن الصعوبة في تحقيق صفقة كانت كامنة في الفجوة غير القابلة للجسر بين رغبة إسرائيل في مواصلة القتال حتى تقويض حكم حماس وتصميمها على أن تبقي في أيديها السيطرة الأمنية في القطاع وبين مطالبة حماس بأن تتوقف الحرب وأن تنسحب إسرائيل من كل المناطق التي سيطر عليها بما في ذلك محور فيلادلفيا الذي يشرف على الحدود مع مصر وكذا محور نتساريم الذي يفصل بين شمال القطاع وجنوبه.
مقترحات واشنطن وإسرائيل.. غامضة ومشكوك فيها
تجدر الإشارة إلى أن معنى مطالبة حماس هذه هو التنازل عن كل إنجازات الجيش الإسرائيلي في الحرب وإعطاء ضوء أخضر لحماس، وهذه المرة من جانب إسرائيل، لمواصلة السيطرة في القطاع.
غير أنه عندها جاء مقترح بايدن، باسم إسرائيل، والذي استهدف إخراج عربة المفاوضات من الوحل. هذا المقترح وإن كان يضمن، وهذا أمر مهم وربما حاسم، إعادة المخطوفين إلى بيوتهم، لكن باستثناء ذلك يدور الحديث عن مقترح غامض «ومليء بالثقوب» كالجبنة السويسرية.
مقترح يتفادى الإجابة عن سؤال الـ «60 مليون دولار» – هل ستنتهي الحرب ومن سيحكم قطاع غزة في اليوم التالي.
غير أنه من تقارير وسائل الإعلام وكذا من التسريبات يتبين أن الولايات المتحدة معنية بإنهاء الحرب في غزة بكل ثمن، حتى بثمن إبقاء حماس في الحكم.
يبدو أيضاً أن في إسرائيل توصلوا إلى الاستنتاج بأنه بعد أن فوتنا في أثناء الأشهر التسعة الأخيرة كل الفرص لتوجيه ضربة ساحقة لحماس وخلق بديل لها، فلا يوجد الآن أي جدوى من مواصلة القتال – الذي أصبح على أي حال محدوداً – وأن مصلحة إسرائيل تفترض التركيز على إعادة المخطوفين، ومنع مزيد من الخسائر في الأرواح وتحقيق الهدوء في الشمال في أعقاب التسوية في غزة.
تقدير أميركي بوقف النار وتأثيره المحتمل
يتوقع الأميركيون بل يقدرون أن وقف النار، حتى وإن كان مؤقتاً، وتحري المخطوفين، سيخلق آلية تؤدي إلى إنهاء الحرب.
حتى لو كانت حكومة إسرائيل ترفض الاعتراف بذلك سيصعب علينا استئناف القتال بعد فترة طويلة وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع.
لا شك في أن إعادة المخطوفين ستكون نصراً للروح الإسرائيلية، ويحتمل أيضاً أن تكون الصفقة المقترحة هي الحد الأقصى الذي يمكن لإسرائيل أن تحققه في هذه النقطة الزمنية. لكن يجب التوقف عن مخادعة الجمهور وبدلاً من ذلك أن تقال له الحقيقة – في اليوم التالي سنستيقظ في حدود الجنوب على الواقع الذي كنا فيه عشية 7 أكتوبر.
الكاتب: إيال زيسر / إسرائيل اليوم
2024-07-15 || 14:08