ياسر عرفات بعباءة كويتية
المقالة الثانية لعماد الأصفر في الذكرى الرابعة عشرة لرحيل ياسر عرفات. بعد قصته عن الشاعرة لميعة عباس، ها هو يبحث في ذاكرته وكتبه عن قصة تهريب أبو عمار من عمان في "أيلول الأسود" بعباءة كويتية.
للرئيس ياسر عرفات تاريخ حافل مع القمم العربية، حافل بكل مثير كما هي حياته تماما، وسواء كانت القمة عادية أم استثنائية، وسواء حضرها عرفات أم لم يحضرها، فإن له فيها حكاية طريفة أو مثيرة، ومن هذه القمم: القمة غير العادية الأولى التي دعا إليها الرئيس المصري جمال عبد الناصر، (21 - 27 أيلول 1970)، والتي عقدت للنظر في أحداث أيلول المؤسفة بين المقاومة الفلسطينية والجيش العربي الأردني.
كان وفد برئاسة الرئيس السوداني جعفر النميري وعضوية الباهي الأدغم رئيس وزراء تونس آنذاك، والشيخ سعد العبدالله السالم وزير الدفاع الكويتي آنذاك، بالإضافة إلى الفريق أول محمد أحمد صادق وزير الحربية المصرية الأسبق قد توجه إلى عمان دون تبليغ رسمي لمفاوضة ياسر عرفات.
ويروي الفريق صادق في مذكراته: "قطعت الإذاعة الأردنية بثها المقتصر على الأناشيد العسكرية، لتعلن أن الرئيس نميري سيذيع بيانا بعد وقت قصير، وفى الساعة الحادية عشرة وعشر دقائق مساء 24 سبتمبر (أيلول) أذاع راديو عمان نداء بصوت الرئيس نميري كان نصه: “الأخ المناضل ياسر عرفات، باسمي شخصيا ونيابة عن الوفد الذى وصل إلى عمان هذه الليلة نرجو منكم أن تقترحوا علينا كيف يمكن الاتصال بكم ومكان وموعد الاجتماع وبأي وسيلة متاحة. وبما أن الأمر هام وعاجل، فأرجو تحقيق ذلك حالا.. نكرر حالا وشكرا..”.
وظل راديو عمان يكرر النداء بعد ذلك عدة مرات، وبعد حوالى الساعة، رد أبو عمار على النداء ببيان أذيع من راديو اللجنة المركزية في دمشق قال فيه: "سيادة الأخ الرئيس اللواء أركان حرب جعفر محمد نميري.. سمعت نداءكم الموجه إلينا من إذاعة عمان من أجل لقاء عاجل وفوري يجمعنا.. وتلبية لندائك أقول: ليكن الاجتماع الليلة وفى حدود الساعة الواحدة، ونقترح أن تصلوا سيادتكم عبر الطريق الموصل من فندق الكرمان إلى مدرسة عالية إلى مقر سفارة الجمهورية العربية المتحدة في جبل اللويبدة ويصلكم مندوب من طرفنا ليرافقكم إلى مقر الاجتماع. لقد عممنا على قوات الثورة في جبل اللويبدة لتأمين وصولكم وعدم التعرض لسيادتكم وسيكون أكثر أمناً لمسيرتكم لو شددتم على الطرف الآخر بالتقيد بوقف إطلاق النار فى جبل اللويبدة هذه الليلة وإلى أن نلتقي بكم لكم التحية من إخوانكم المناضلين".
ويضيف اللواء في مذكراته: "طلبت من أبو عمار أن يحلق ذقنه ويستعد للرحيل. عارض طويلا ولكنه وافق في النهاية، فاستعرت عباءة الوزير الكويتي وألبستها له، وطلبت من إحدى المواطنات المصريات أن تركب السيارة ومعها عرفات وابنتها، وبدأنا جميعا نتحرك إلى السيارات من دون أن يشعر به أي فرد من رجال المخابرات الأردنية إلى المطار". وصل عرفات إلى مصر لحضور القمة، حيث كان في استقباله الرئيس جمال عبد الناصر والذي توفي بعد ذلك بيومين.
ومن الطريف أيضا أن عرفات أصر على أن يصطحب معه إلى القمة كافة الصور ومقاطع الفيديو التي صورتها المخرجة المناضلة سلاف جاد الله. كانت رحمها الله أول فتاة عربية تدرس الإخراج السينمائي وتصور المعارك.
الكاتب: عماد الأصفر
المحرر: عبد الرحمن عثمان
2018-11-16 || 19:09