نابلس تحتفل بذكرى المولد النبوي
في رمز للتعايش والتسامح بين المواطنين ودياناتهم المختلفة: ما إن خلعت نابلس عنها زينة أعياد الميلاد حتى ارتدت زينة جديدة بمناسبة المولد النبوي. دوز تجول في المدينة واستمع إلى روايات أهلها وزوارها عن هذه المناسبة.. اليوم وفي الماضي.
ما إن تطأ قدماك البلدة القديمة في نابلس حتى تلاحظ ما لم تلحظه في أيام تسوقك العادية: الزينة تملؤ ساحاتها وشوارعها الضيقة، أصوات الأغاني والأناشيد في مدح النبي تسمعها من باب الساحة وحتى الدوار، الناس يصطفون أمام محال الحلويات ويهنئون بعضهم كما في يوم العيد. لا يكاد يخلو شارع من سلال الحلويات والسكاكر "الملبس" يحلي بها أصحاب المحال التجارية المارة.
ولا تكتفي المدينة بذلك فحسب، بل تشهد مساجدها في هذه المناسبة احتفالات تحييها فرق الإنشاد والمدائح النبوية، يحضرها الكبير والصغير بهجة وسرورا في هذا اليوم.
تنقلت بين المارة والمحلات لنعرف إن كانت نابلس تتميز عن غيرها بهذه المظاهر والاحتفالات. قال أحد المارة: "نابلس غير". أم أنس من قرية سالم المجاورة، والتي تتسوق، قالت: "تفاجأت عندما دخلت الى أحد المحال التجارية وقدم لي السكاكر، فمن الجميل أن أهالي نابلس لم ينسوا هذه الذكرى الجميلة وبالفعل رسم الابتسامة على وجهي منذ الصباح الباكر".
وتضيف:"أول مرة أزور نابلس في هذا اليوم، وأول مرة أشاهد هذه الاحتفالات. بالفعل هي مدينة مميزة بكل ما تحملها الكلمة من معنى".
ويوقفني أثناء تجولي مشهد لأحد التجار على السلم يعلق الزينة أمام محله، فما أن نزل حتى قدم التحلية. وأشار في حديثه الى أن اختلاف مدينة نابلس ليس فقط على صعيد مدن فلسطين بل وفي العالم العربي أجمع، وقال "لن ترى هذه المظاهر مطلقًا إلا في دمشق سابقًا".
أما التاجر أبو فراس الصوالحي فيؤكد أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي من العادات الأصيلة في المدينة، فمنذ ولادته وحتى اليوم كانت نابلس تحتفل بهذه المناسبة كل عام. ويضيف الصوالحي:" منذ الصغر كنت أساعد والدي في تزيين المحل، فورثت هذه العادة عنه، واليوم وبعد مرور أكثر من 60 عاما أزين متجري، لتبقى هذه العادة تتوراثها الأجيال جيلا بعد جيل، وحتى لا تندثر بعد وفاتنا".
[caption id="attachment_21014" align="aligncenter" width="1000"]

تزينت نابلس قبل أيام من حلول ذكرى المولد النبوي[/caption]
وفاجأنا المسن أبو عصام الفران- في الثمانينات من عمره - بعادة جميلة يقوم بها الناس في مدينة نابلس في هذا اليوم، حيث يذهب الأهل لزيارة ابنتهم المتزوجة حديثًا ليقدموا لها ما يسمى "بالفؤدة/الفقدة"، لأنها تقضي هذه المناسبة لأول مرة في منزل زوجها.
ويكمل حديثه بابتسامة كشفت عن سنه الذهبي اللامع، وبلهجته النابلسية المتميزة: "هذا يوم عظيم بالنسبة لي، وبالرغم من كبر سني والمطر، إلا أنني في هذا اليوم أنزل لأتجول في البلدة القديمة، حتى ترجعني الذاكرة الى أيام أجمل في ذكرى المولد النبوي، حيث الاحتفالات والأهازيج والمديح التي يحضرها المئات من أهل المدينة".
ولكن الفران الذي تحدثنا معه أكد أن المظاهر هي ذاتها، فبالرغم من انشغال الناس وتناسيهم لهذا اليوم، إلا أن أهالي نابلس حافظوا على هذه العادات، ولم ينسوا ما كان يفعله أباؤهم وأجدادهم منذ عشرات السنين.
استمع لآراء المواطنين عن أجواء نابلس في ذكرى المولد النبوي:
https://soundcloud.com/golocal/dhueccjeus4n
الكاتبة: فاطمة خويرة
المحرر: عبد الرحمن عثمان
صوت: جلاء أبو عرب وآية عشيبي
2015-01-03 || 18:59