وداعا يا مراهقتي!
مع بداية كل عام، انتظر قدوم شهر أيار بفارغ الصبر، ففي هذا الشهر عيد ميلادي. إلا أن هذه السنة ليست كأخواتها، فأنا لست مستعدة أو بالأحرى لست متشوقة لأحتفل بانتهاء أفضل مراحل حياتي.
في الأمس كنت احتفل ببلوغي السادسة عشرة من عمري، وبعد ساعات معدودة سأبلغ العشرين. لقد سمحت للسنوات الأربع الماضية أن تمر مرور الكرام دون أن أعبر أو حتى أستذكر بعضا منها. ولهذا قررت أن أقف، بل استوجب علي الوقوف احتراما لما مضى. قد يخطر ببالك، ما بالها هذه الفتاة؟ جميعنا نكبر ويتقدم بنا العمر دون أن نشتكي أو نعترض. وهنا أرد أنا قائلة: "إن كنت تظن أن هذه شكوى واعتراض، فلم تر شيئا بعد. أريد أن أصرخ وأبكي ولو جاز لي أن أشتم لفعلت".
عندما قررت أن أكتب عن بلوغي سن العشرين، كنت أظن أن هذا يعني خروجي من مرحلة المراهقة وذلك حسب تصنيف اللغة الإنجليزية، أي من سن الثالثة عشرة وحتى التاسعة عشرة (thirteen- nineteen). فذهبت إلى محركات البحث آملة أن أجد ما يثبت أن بوسعي التمتع ببضع سنوات قبل انتهاء هذه المرحلة. ووجدت أن بلوغي العشرين لا يعني بالضرورة انتهاء مراهقتي فهنالك ما يسمى بـ "المراهقة المتأخرة".
ومع ذلك لا زلت أشعر بضيق وأسى، فدخولي حقبة العشرينات ليس بالأمر السهل. بل إنني وبعد خمس سنوات سأحصل على اليوبيل الفضي، وبعدها سيأتي اليوبيل الذهبي ليقضي علي. أرفض رفضا تاما أن أبلغ العشرين، بل إن فكرة توديع مراهقتي تسبب لي ألما في معدتي. وأعلم أن إيقاف الزمن أمر مستحيل، فلو خيرت لبقيت مراهقة إلى أبد الآبدين.
تمسكي الشديد بهذه المرحلة لم يأت من فراغ ولا من خوف التقدم بالسن، فعندما أعود بذاكرتي إلى الوراء، أتمنى لو أن هنالك من يستطيع أن يرافقني ليرى كيف مررت بسنين المراهقة، وأن الفتاة التي أصبحت عليها اليوم هي ذاتها التي جربت وأخطأت وتعلمت.
وعن التجربة يحق لي أن أكتب مجلدات، فمنذ بلغت السادسة عشرة من عمري وأنا أجرب بلا كلل أو ملل. أبدؤها بتذوقي أرجل الضفادع المشوية إلى أن ينتهي بي الأمر إلى الفوز ببطولة للتنس الأرضي بعد أن كنت أسوأ لاعبة في الفريق.
وإن سنحت لي الفرصة ولم تخونني ذاكرتي، لصففت تجاربي بملف وأرفقتها هنا. فكنت أخفق تارة وأنجح تارة أخرى، لكن الأهم من ذلك كله هو خوض التجربة. فالكلمة المرادفة للمراهقة بالنسبة لي هي التجربة، ومن لم يجرب فلم يعش مراهقته على أكمل وجه.
صحيح أن الكثير مما جربته سبب لي العديد من المشاكل، إلا أنني وبمجرد كوني مراهقة كنت أنجو بالكثير من الأفعال. ولكن بعد بلوغي سن العشرين سأحاسب وأُلام كغيري ممن فاتهم قطار المراهقة. وأخص هنا بالذكر والدي ووالدتي، فمنهما استمد الشجاعة والثقة لأخوض تجاربي بنفسي. واحترامهما لاختياراتي، جعل من سنين مراهقتي، الأجمل بل والأروع.
الكاتبة: جلاء أبو عرب
المحررة: شادن غنام
2014-05-11 || 20:58