النجاة مستحيلة: القصف يحصد الجوعى والأنقاض تبتلع القطاع
جدّدت إسرائيل حملة القتل والإبادة على القطاع في غارات جوية ومدفعية وإطلاق النيران بصورة عشوائية، ومع تفاقم الحصار ومع إغلاق المعابر الإنسانية بشكل شبه تام، يتعرض سكان القطاع لخطر الموت من القصف والمجاعة.
قُتل 35 فلسطينياً على الأقل، جراء غارات إسرائيلية وهجمات برية استهدفت مناطق متعددة في قطاع غزة، بينها مواقع لتوزيع المساعدات الإنسانية.
وأفادت السلطات الصحية المحلية بأن 15 شهيداً سقطوا قرب نقطة توزيع تديرها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بالقرب من معبر نتساريم، وتدعمها مؤسسة غزة الإنسانية الإسرائيلية-الأميركية. وأكد مسعفون أن معظم القتلى والمصابين نُقلوا من تلك المنطقة، حيث كان العشرات يتجمعون للحصول على المساعدات.
وأعلن مشفى الشفاء، عن استشهاد 12 شخصاً وإصابة 50 آخرين في قصف استهدف حشداً من المنتظرين على الطريق الساحلي شمالي القطاع، كما استشهد ثلاثة فلسطينيين في غارة على خيمة للنازحين قرب مسجد الخالدي شمال غربي غزة.
وأفادت وزارة الصحة بأن الحصيلة خلال 48 ساعة، بلغت 90 شهيداً و605 إصابات، فيما ارتفع عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية على مواقع توزيع المساعدات إلى 274 شهيداً، منذ بدء عمليات مؤسسة الإغاثة الأميركية أواخر أيار/مايو.
وفي ذات السياق، أعلن الجيش الإسرائيلي توجيه أوامر لسكان خان يونس وبلدتي عبسان وبني سهيلا، بإخلاء منازلهم والتوجه نحو "المنطقة الإنسانية"، معلناً بدء عملية عسكرية جديدة ضد من وصفهم بـ"المنظمات الإرهابية".
رفح محيت بالكامل
في المقابل، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في تقرير موسع، أن مدينة رفح "مُحيت من الوجود"، مشيرة إلى دمار مشابه طال جباليا، وبيت لاهيا، وبيت حانون، وأحياء في خانيونس.
وأظهرت صور أقمار صناعية مقارنة بين تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وحزيران/ يونيو 2025، أن رفح تحولت من مدينة نابضة بالحياة إلى مساحة رمادية تغطيها الأنقاض.
ووصف كتّاب التقرير ما جرى بأنه "يفوق ما حدث في حلب والموصل وسراييفو وكابل". ووفق أرقام التقرير، فإن نسبة الدمار في جباليا ورفح تفوق تلك التي لحقت بهيروشيما وناغازاكي، مع تدمير أو تضرر 174 ألف مبنى من أصل 250 ألفاً في القطاع.
ودُمر 90 ألف مبنى بشكل كامل، وتضررت آلاف المدارس والبنى التحتية، كما تم تدمير 81% من شبكة الطرق، وتسجيل تراجع بنسبة 99% في عدد الدواجن، و94% في عدد رؤوس الأبقار، و93% في الصيد البحري.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من مليون نازح يعيشون في خيام فوق الأنقاض ومكبات القمامة في ظروف مأساوية، وتقدر الأمم المتحدة كمية الركام بنحو 50 مليون طن، تستغرق إزالته 20 عاماً على الأقل.
ووصف التقرير مراحل تدمير قطاع غزة بخمس موجات رئيسية، بدأت في الأسبوع الأول من الحرب بإسقاط 6 آلاف قنبلة على البنية التحتية المدنية، تلتها عمليات تمهيد ميدانية لإنشاء محاور عسكرية، ثم استخدام ناقلات متفجرة موجهة لتسوية الأحياء السكنية، وصولاً إلى عمليات هدم ممنهجة تنفذها وحدات مدنية إسرائيلية مقابل مكافآت.
وتركزت المرحلة الأخيرة، المعروفة بعملية "عربات جدعون"، بعد وقف إطلاق النار في كانون الثاني/ يناير 2025، لتكريس سياسة "الأرض المحروقة".
اتهامات بالإبادة الجماعية
وفي تقرير منفصل، قالت منظمة العفو الدولية إن بلدة خزاعة في جنوب القطاع تم محوها بالكامل خلال أسبوعين فقط من شهر أيار/ مايو. ووثقت المنظمة عبر صور أقمار صناعية ومقاطع فيديو، ما اعتبرته "جريمة حرب مزدوجة تشمل التدمير غير المبرر والعقاب الجماعي"، مضيفة أن ما يجري في غزة يمثل "إبادة جماعية تستهدف تدمير الفلسطينيين مادياً".
وأضافت مديرة الأبحاث في المنظمة إريكا غيفارا روساس، أن حجم الدمار "يفوق أي مبرر عسكري، ويكشف عن خطة مدبرة لتحويل غزة إلى أرض غير صالحة للسكن"، داعية إلى تحقيق دولي عاجل ومستقل.
ارتقاء أكثر 55 ألف فلسطيني في القطاع
وتواصل إسرائيل حملتها العسكرية منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 55 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، ونزوح ما يقارب مليوني شخص، في واحدة من أوسع عمليات التدمير الحضري في التاريخ الحديث.
المصدر: المدن
2025-06-14 || 21:08