خربة الطويل.. عندما يختلط الحديد بالتراب
للمرة الحادية عشر خلال عشر سنوات، خربة الطويل شرق بلدة عقربا جنوب نابلس تتعرض للهدم في محاولةٍ لتهجير ساكنيها والاستيلاء على أراضيها لصالح المستوطنين، والتي تشهدُ اعتداءاتٍ ومضايقاتٍ مستمرة منهم بحماية الجيش الإسرائيلي.
يقف المواطن محمد صدقي للمرة الحادية عشرة، منذ عام 2014 على أطلال ركام مسكنه المهدم، الذي سوّتهالجرافات الإسرائيليةيومالثلاثاء 10.12.2024،بالأرض، وألقت به بعيدا عن موقعه بعد طحنه، في خربة الطويل شرق بلدة عقربا جنوب نابلس.
"هذه ليست عملية هدم أو تجريف، إنما هي عملية طحن وحراثة للأرض وقلبها رأسا على عقب"، يصف المواطن صدقي (55 عاما)، ما جرى معه وعائلته التي أصبحت بلا مسكن أو مأوى لأغنامها.
في العراء!
ويقول لوكالة "وفا": "خمس جرافات تناوبت على عمليات الهدم، جرفت كل ما تطاله أنيابها، حتى لم تعد الأرض صالحة للمشي عليها".
ويضيف: "الضابطالإسرائيليالمرافق للجرافات قال لي "لن أدع لك موطئ قدم في هذه الأرض، أو نُبقي لك شيئا لتعيد بناءه ولا تعد إلى هذه الأرض".
وكانت القواتالإسرائيلية قد اقتحمت خربة الطويل، يومالاثتين 9.12.2024، وترافقها خمس جرافات عسكرية، وشرعت بعمليات هدم لمساكن وغرف زراعية وبركسات وشبكة كهرباء تغذي المنطقة، دون سابق إنذار.
عائلة صدقي التي وُلدت وعاشت في أراضي خربة الطويل، تعرضت مساكنها للهدم 11 مرة منذ عام 2014.
"آخر عملية هدم لمساكن العائلة كان في الثالث من تموز الماضي، لكن هذه المرة كانت الأصعب، فقد عجنوا الحديد بالتراب، وألقوا به بعيدا كي لا نعود لبنائه مرة أخرى"، يقول المواطن صدقي.
ويشير إلى أن الجرافات لم تُبقِ شيئا، فقد هدموا نصف الخربة، حتى الكهوف أغلقوها بالتراب، مضيفا أنه في كل مرة كنا نعيد البناء يعود ويهدم المساكن فور الانتهاء منها.
ويضيف: "والدي عمره 105 سنوات كاد ينهار مما شاهده من دمار، أنا وإخوتي الخمسة وعائلاتهم، والأغنام، أصبحنا كلنا في العراء".
لأجل المستوطنين
وتتعرض خربة الطويل التي تقع شرق بلدة عقربا، لاعتداءات المستوطنين المتكررة، وهي مسكونة وفيها بيوت وحياة منذ أكثر من مئة عام، وهي عبارة عن تجمعات وخرب مسكونة وبعضها خرب أثرية قديمة، وتقدر مساحة السهول الزارعية فيها بـ10 آلاف دونم تُزرع بالقمح والمحاصيل الشتوية، وفيها نحو 30 ألف دونم جبلية تُستخدم مراعي للأغنام.
رئيس بلدية عقربا صلاح جابر، يؤكد لـ"وفا"، أنالسلطاتالإسرائيليةهدمت 26 مسكنا ومنشأة زراعية، وشردت 11 عائلة خلال اقتحامها خربة الطويل يوم الثلاثاء.
ويقول: "عمليات التجريف طالت البنية التحتية في المنطقة، من تدمير للطرق وتدمير كامل لشبكة الكهرباء بطول 1900 متر، وإلحاق الأضرار بشبكة المياه".
ويضيف: "هذه المرة الرابعة التي يتم فيها هدم المساكن في خربة الطويل عقب السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023،وارتقاءثلاثة مواطنين خلال دفاعهم عن أراضيهم، والمرة الـ20 خلال الـ15 عاما الماضية، فضلا عن عمليات الاستيلاء على نحو 100 ألف دونم من أراضي الخربة والمناطق شرقي عقربا".
ويشير جابر إلى أن كل هذه الإجراءات تهدف إلى ترحيل الأهالي وطردهم من المنطقة، لإرضاء رغبات المستوطنين والسيطرة عليها.
انتهاكاتٌ منذ السبعينات
خربة الطويل تسكنها ما بين 25-30 عائلة بين مستقرة بشكل دائم ومتنقلة بأغنامها بحكم طبيعة حياتهم واعتمادهم على الثروة الحيوانية، حسب ما يشير الباحث حمزة عقرباوي.
ويؤكد عقرباوي أنه عام 1972 استولىالجيشالإسرائيليعلى المنطقة الشرقية من خربة الطويل (كمنطقة عسكرية)، ثم منحها للمستوطنين لإقامةمستوطنة"جيتيت" الزراعية، وهي ذاتها المنطقة التي لوحق الرعاة فيها وأُطلقت النيران على أغنامهم وأبقارهم وقُتلت أمامهم بين الأعوام 1972-1980.
ويقول عقرباوي: "تعرضت خربة الطويل لعمليات هدم 17 مرة من عام (2008 -2023)، إذ شمل ذلك هدم بيوتها والبركسات وآبار الماء وتجريف شوارعها وقطع شبكة الكهرباء وتدمير خط الماء، إضافة إلى هدم مسجدها في عام 2014".
في ثمانيات القرن الماضي، واجه أهالي بلدة عقربا جنوب نابلس المستوطنين، وأسقطوا مخططاتهم في الاستيلاء على مساحات واسعة من أراضي الخربة، لصالح توسيع مستعمرة "جتيت".
هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وصفت ما يحدث من عمليات الهدم الواسعة في خربة الطويل ببلدة عقربا جنوب نابلس، بأنه تطهير عرقي ومحاولة لتهجير مواطني الخربة.
ودعا رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان المؤسسات الدولية والحقوقية إلى ضرورة حماية أبناءالشعب الفلسطينيمما يتعرضون له من جيشالإسرائيلي ومستوطنيه، مؤكدا ضرورة توفير كل معززات الصمود في خربة الطويل ببلدة عقربا.
مصدر الصورة: وطن
بسام أبو الرب/ وفا
2024-12-11 || 18:31