لحظات مسروقة!
علاقات هاتفية، ولقاءات، وقبلات يسرق فيها سعيد متعة لحظية كادت أن توقعه في شرك كبير. دنيا فتاة تستخدم كأداة للإيقاع بالشباب، لا نعلم هل هي ضحية تم استغلالها أم أنها مشتركة في الجريمة.
تحت أشعة شمس أريحا الحارقة مسح سعيد جبينه محاولاً استجماع قواه من جديد وهو يقرأ ما كتب على كيس الإسمنت: الوزن 50 كيلو، ثنى ركبتيه وحمله وأكمل القراءة: لا يحمل إلا باستخدام المعدات المناسبة، تساءل هل يقصدون الذراعين؟
غابت شمس ذلك النهار واجتمع سعيد ببقية العمال بعد وجبة العشاء، قال وهو مستلقٍ على فراشه: "تعب النهار لا يمحوه إلا النوم"، فرد عليه عماد بأن الفتيات ستفوفين بالغرض، سأل سعيد: "من أين لنا بهن؟"، قال له: "خذ هذا الرقم وستجيبك فتاة مستعدة للحديث في أي وقت".
غطى سعيد رأسه محاولاً النوم ولكن دون جدوى، أمسك هاتفه وبحث عن الرقم الذي أخذه من زميله عماد، ضغط على اتصال وبعد قليل أجابه على الطرف الآخر صوتٌ بمنتهى الرقة، ما هي إلا لحظات حتى بدأ التعارف، سألها عن اسمها فقالت: دنيا، قال: "إذا أنت التي تمرمطينا كل يوم ويجب أن تكفري عن ذنبك"، ضحكت وقالت: "أنا مستعدة لذلك".
في صباح اليوم التالي سعيد يعمل بنشاط شارد مع تلك الضحكات، ينتظر بفارغ الصبر أن يأوي إلى فراشه الذي أصبح مشتعلاً بأصوات الرغبات. استمرا على هذا النحو حتى نهاية الأسبوع، حيث كان على سعيد العودة لقريته بالقرب من مدينة نابلس.
"أريد رؤيتك"! لم يتفاجئ سعيد من هذا الطلب ربما لأنه اختبره من قبل، لقد تردد كثيراً عندما قبل به أول مرة، حرك شفتاه مستمتعاً بذكريات تلك اللحظات التي استطاع سرقتها على درج أحدى العمارات المرتفعة قليلة الحركة في وسط المدينة، عندها كانت أول مرة يقبل بها فتاة، كان شعوراً رائعاً جعله مبتسماً لأيام، وكان مادة جيدة لحديثهما في الليالي الطوال بعد ذلك قبل أن تتخلص من رقمها ويفقد أثرها للأبد.
أعاده صوتها إلى الوعي من جديد، "ما رأيك؟" رد: "نعم موافق، ولكن أين؟"، ذكرت له اسم أحد المطاعم وقالت له ألقاك عند العاشرة صباحاً. تخلف سعيد عن عمله يوم السبت متحمساً للقاء مع بعض القلق والخوف. طوال الطريق ظل شارداً يرسم سيناريوهات وخيالات، ولكن لم يخطر بباله أنه سيعيش سيناريو كاد أن يقلب حياته رأساً على عقب!
نزل سعيد من سيارة الأجرة عند العاشرة والنصف وهو يحدث نفسه: "ها أنا قد تأخرت من جديد، يا لها من عادة، هل سأجدها هناك؟" رنّ جواله، وأتاه صوت دنيا الناعم: "أين أنت؟" هو: "ها أنا سأدخل إلى المطعم" (لقد كذب مرة أخرى)، هي: "أنا بانتظارك لا تتأخر".
عشر دقائق تستغرق الطريق من موقف السيارات إلى المطعم، أضف عليها خمس دقائق تردد، لم يخبرها بذلك طبعاً. رن جواله ثانية، وهذه المرة سمع بجانبها تمتمة، فشعر بالقلق. وبعد أن كان قد وصل إلى باب المطعم ابتعد ووقف في الجهة المقابلة، وقال لها بأنه داخل المطعم الآن.. وبقي يراقب.
رن جواله، شعر بالخوف هذه المرة، لم يكن ذلك الصوت الناعم الذي اعتاد على سماعه لبضعة أيام، كان صوتاً خشناً يخبره بأنه قريب دنيا، واكتشفوا أنها ليست عذراء! وبأنه كان آخر من تحدث إليها.
شعر سعيد بأن الدنيا تدور فيه وكأنه يعيش كابوساً مظلماً يتمنى أن يصحو منه، تذكر ذلك الصوت يطلب منه الانتظار في منزله، حيث سيأتي إليه ليحل المشكلة بطريقة ودية، وحذره بأن أهل الفتاة يريدون الانتقام لشرفهم! وطمأنه بأنه من الشرطة ويستطيع التأكد من بطاقته.
تزاحمت الأفكار في رأسه لاعناً الساعة التي اتصل فيها على رقم تلك الفتاة، "هل أذهب للبيت وعندها سيأتي ذلك الشخص وستصل القصة لعائلتي وقد تكون النتائج كبيرة؟"، أحس سعيد بالاختناق ومشى في الشوارع بدون هداية، أسعفه عقله للاتصال بأحد معارفه في جهاز الأمن الوقائي، حدثه بما جرى على عجل، طلب منه أن يأتي لمكتبه، وهناك شرح له القصة، فقال له اتصل على الرقم وقل لهم بأنك في مكتب الأمن الوقائي.
تنفس سعيد الصعداء وشعر ببعض الأمن، اتصل على الرقم وقال له بأنه في مكتب الوقائي الآن، فتغير صوت الشخص على الطرف الآخر وقال بأنها كانت مجرد مزحة! وكان بجانب المتصل شخصٌ آخر يشتم ويسب بغضب. فور انتهاء المكالمة أحس سعيد بأنه استفاق من ذلك الكابوس المزعج، طلب منه الضابط أن يقدم بلاغاً فرفض خوفاً على سمعته، قال له سيوقعون غيرك ولكنه اكتفى عند هذا الحد.
*هذه القصة حقيقية وحدثت فعلا في نابلس
الكاتب: علي حنني
المحررة: شادن غنام
2014-05-18 || 21:20