سوق السيارات المستوردة بالضفة.. ركود وفوضى أسعار
أسواق السيارات المستوردة في الضفة الغربية تشهد تكدّس في المركبات وركود حركة البيع جرّاء تعطّل العمال، وتضاعف نسبة الخصم من رواتب الموظفين الحكوميين، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر.
حالة فوضى في الأسعار تشهدها أسواق السيارات المستوردة في الضفة الغربية، مع تكدّس المركبات وركود حركة البيع جرّاء تعطّل العمال، وتضاعف نسبة الخصم من رواتب الموظفين الحكوميين، مع استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر الماضي.
أحد معارض السيّارات في رام الله، عرض مركبة من نوع جيب كيا (سبورتاج) بسعر 125 ألف شيكل نقداً، ثم عاد المعرض بعد أيام قليلة، وعرض المركبة على صفحة أخرى تابعة له عبر "فيسبوك" بسعر 109 آلاف شيكل، ما يعني فرقاً بنحو 16 ألف شكل خلال نحو أسبوع.
وفي حال رغب الزبون بشراء السيارة بالتقسيط، فإن المعرض يطلب دفع نصف سعرها نقدًا، والمبلغ المتبقي يتم دفعه من خلال شيكات شخصية تُسدد على مدار عام ونصف، أمّا سعر السيارة فقد تعدى 150 ألف شيكل.
هذه الحالة من فوضى الأسعار يرجعها مختصون إلى حالة الركود الاقتصادي التي يشهدها السوق الفلسطيني بالضفة الغربية عمومًا، وسوق المركبات المستوردة على وجه خاص، ما يضطر بعض أصحاب المعارض الذين تكدّست لديهم المركبات، للبيع ولو بخسارة شرط الدفع النقدي، لتسديد ما عليهم من مستحقات.
وعلى الجهة الأخرى فإنّ الموظفين الذين يتلقون رواتب لا تزيد عن 65 في المئة، وعُمال الداخل الفلسطيني الذين توقفت أعمالهم منذ اليوم الأول للحرب، وكانوا اشتروا مركبات قبل الحرب بالتقسيط، باتوا غير قادرين على الاستمرار في سداد بقيّة ثمنها، ووجدوا أنفسهم مضطرين لبيعها بسعر أقل.
تراجع مبيعات المركبات بشكل كبير رافقه تراجع كبير في الأسعار، لذا يجمع تُجار السيارات المستوردة بأنهم من بين القطاعات الاقتصادية الأكثر تضرراً في الحرب.
ويؤكد المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات موسى رحال على التراجع الكبير في بيع السيارات، لافتاً إلى أن معدل تسجيل السيارات شهرياً قبل الحرب كان حوالي 2950 سيارة، أما في شهر تشرين أول/ أكتوبر الماضي فقد انخفض الرقم إلى 1670 سيارة شهرياً، ثم 600 سيارة في تشرين ثان/ نوفمبر، و670 سيارة في كانون أول/ ديسمبر، بالتالي هناك فرق كبير، وتراجع في المبيعات، في حين لوحظ تحسّن طفيف مع بداية 2024.
معارض السيارات: لا نستطيع الإيفاء بالتزاماتنا
بدوره، قال عضو نقابة مستوردي السيارات المستعملة في فلسطين بلال قواسمة إن سوق تجارة السيارات يمر بكساد، وأن البيع في تراجع كبير، الأمر الذي لا يُمكّن المعارض من الإيفاء بالتزاماتها.
وأوضح قواسمة أن الأسعار انخفضت بسبب قلّة البيع على إثر الأوضاع الاقتصادية الحالية، حتى أن بعض التجار يسعى للبيع نقدًا، حتى ولو ببعض الخسائر، لتجنّب بقاء السيارات معروضة، ومن جهة أخرى فإن التاجر عليه التزامات ينبغي عليه تسديدها.
أسعار أقل على الكاش.. الشيكات لا تُصرف
وحول السبب الذي يدفع تجّار السيارات لبيعها بسعر أقلّ على نظام الدفع النقدي "الكاش" بدل سعر أعلى وفق نظام التقسيط من خلال الشيكات، أوضح عضو نقابة مستوردي السيارات المستعملة في فلسطين أنّ البيع بنظام الشيكات توقّف لأن الشيكات باتت مرتجعة في الغالب "تعاد ولا تصرف. وعندما يعود شيك فإنّك لا تستطيع مطالبة صاحبه بالدفع، بسبب الأوضاع الاقتصادية التي يعرفها الجميع".
وأضاف أنّ العامل الفلسطيني في الداخل الفلسطيني، أو حتى الموظف الحكوميّ كانا يكتبان مبلغ الشيك وهما على ثقة بتغطيته مالياً، لكّن توقف عمل العمّال، واستمرار الاقتطاع من رواتب الموظفين جعل الكلّ في أزمة، وباتت الشيكات البنكية تعاد، ولا تصرف.
لا نبيع أكثر من 3 سيارات شهرياً
عبد الله علاونة صاحب معرض سيارات في جنين أكد على الأرقام التي تقدّم بها المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات، وقال إنه في بداية الحرب كان هناك بعض البيع لديهم، ولكن مع مرور نحو 6 أشهر تأثّر وضع الناس الاقتصادي بشكل كبير وتراجع البيع.
وأوضح، أنهم كانوا يبيعوا حوالي 20 سيارة تقريباً كلّ شهر، أما اليوم فلا يبيعوا سوى سيارتين أو ثلاث في الشهر.
بحسب علاونة فإن انخفاض البيع رافقه انخفاض كبير على أسعار السيارات، إذ انخفض سعر سيارة كيا- سورنتو التي كانت تباع بـ 210 آلاف شيكل، إلى أن وصل سعرها اليوم 160 ألف شيكل. كما أنّ جيب هونداي- توسان كان 145 ألف شيكل، ويباع اليوم بنحو 110 آلاف شيكل تقريباً.
قرار خفض الجمرك فرق سعر عملة فقط
ورغم قرار وزارة المالية الأخير خفض جمرك السيارات بنسبة 10 في المئة، إلا أن السوق لم ينتعش، ولم يحدث أي تغيير وفق علاونة لأن "الخفض في نسبة الجمرك هو فارق سعر صرف الدولار فقط". ودلل على ذلك بالقول إنّه إذا كان جمرك سيارة ما 90 ألف شيكل، فعندما ارتفع سعر صرف الدولار صار الجمرك 100 ألف شيكل، وبالتالي خفض الجمرك بنسبة 10 في المئة يجعل جمركها يعود إلى 90 ألف شيكل، وبالتالي هذه النسبة هي فرقية سعر صرف الدولار فقط.
مجدي مخلوف صاحب معرض سيارات في رام الله، يقول إن هناك تحسّناً طفيف في مبيعات السيارات، ولكن الوضع بالمجمل "صعب جداً".
وعن التضارب الكبير في الأسعار، أفاد بأن هناك تجار يسعون لـ "تكييش" السيارات (البيع على الكاش) وحتى لو سبب ذلك لهم الخسارة، والمهم بالنسبة لهم البيع. والسبب الثاني هو الوضع الاقتصادي السيء الذي يدفع البعض لبيع سيارته ولو بأقل من سعر الشراء.
هل من آليّات حماية لسوق السيارات المستعملة؟
وعمّا إذا كان هناك آلية لحماية هذا السوق، قال عضو النقابة سامر قواسمة إنه لا توجد أي قرارات حكومية جديدة لحماية قطاع السيارات، لكن في نفس الوقت لا تطالب دائرة الجمارك أصحاب المعارض بدفع رسوم الجمارك على السيارات غير المباعة لديهم رغم تجاوز فترة السماح القانوني.
لكن قواسمة أكد أن وزارتي المالية والمواصلات تستطيعان اتخاذ إجراءات لمنع فرق السعر الذي يدمر السوق، ولكن في النهاية لن يكون لها تأثير كبير، لأن التاجر في السوق الفلسطيني يستطيع البيع كيفما يشاء.
وتعليقاً على ذلك نفى موسى رحال اتخاذ وزارة المواصلات أي قرارات جديدة فيما يتعلق بقطاع السيارات المستوردة.
المصدر: الترا فلسطين
2024-03-19 || 22:00