رغم التضييقات، ما زال مصنع البلاط الشاميّ الوحيد من نوعه في الشرق الأوسط، يصبّ الألوان العربيّة في قوالب نحاسيّة عمرها عشرات السنين، لينتج منها بلاطاً بنقوشٍ عربيّة. تعرف مع دوز على مصنع البلاط الشامي في مدينة نابلس.
أصبحت حرفة صناعة البلاط الشامي (البلاط الملوّن) من الحرف التراثية التي تصارع من أجل البقاء. يشير مدير مصنع البلاط الشامي في نابلس عنان أصلان إلى أن مصنعه هو الوحيد من نوعه في الشرق الأوسط. وتأسس هذا المصنع عام 1913. ويقول أصلان لـدوز: "بدأت الصناعة في حيفا ويافا ونابلس، وانقرضت في مدينتيّ يافا وحيفا بسبب الحروب قبل بداية النكبة". عنان أصلان هو من أبناء الجيل الخامس العاملين في مصنع البلاط بعد أن ورثه أباً عن جد، ويعتبره "إرثاً لعائلة أصلان"، إذ يعلّم هذه المهنة لأبنائه "لإبقائها ومنع دثرها".
رحلة إلى سوريا ويقول أصلان: "بدايةً كان تواجدنا في البلدة القديمة بحارة الياسمينة، وكنا ننقل البضاعة حينها بواسطة الجمال والحمير، وبعد تطور وسائل المواصلات انتقلنا إلى منطقة الدوار، حيث امتلأت بالأسواق التجارية والعمارات السكنية، وأخيراً في عام 1947 انتقلنا إلى شارع فلسطين". ويوجد في المصنع حوالي ألف قالب مصنوع من النحاس، ويترواح عمر القوالب بين عشرة ومئة عام. ويقول أصلان: "كان جدي يرسل أبي جلال أصلان إلى سوريا لإحضار القوالب وليتعلم المهنة. ومع انقراض العاملين في مجال القوالب أصبح أبي يستذكر طفولته لترميم القوالب الموجودة لديه وعمل قوالب بأشكال جديدة". ويشير أصلان إلى أن لكل مدينة رسمة قالب خاصة بها، فمثلا نجد في مدينة نابلس قالب الضامة وورقة العنب (دوالي) والهيلاهوب والزنبقة. ومن أسماء قوالب التي ينتجها المصنع أيضاً: السجادة الشامية والتاج وباب الجامع والبانكيت والبيروتية والحية والمصلّبة والنجمة والمروحة. أما عن الإنتاج اليومي للمصنع يقول أصلان: "الإنتاج في المصنع يعتمد على العامل، إذ ينتج العامل أبو وليد ما لا يقل عن خمسة أمتار من البلاط بحكم خبرته وعمله في هذا المجال منذ عام 1947، أما الشباب من الجيل الجديد فينتجون ثلاثة أمتار، لذا تصل إنتاجية المصنع في اليوم إلى حوالي 25 متراً من البلاط الملوّن، و50 متراً من البلاط الساّدة (غير الملوّن)". أصلان: يعيش البلاط الشامي أكثر من 500 عام الألوان العربية ويقول أصلان: "أكثر الطلبات على البلاط الشامي هي من أجل ترميم البيوت القديمة، ويطلب في بعض مناطق فلسطين الداخل لأن من شروط إعادة تأهيل البيوت القديمة أن يعاد ترميمها على نفس تصميم البلاط القديم، أما عن البيوت الحديثة فيتم طلب البلاط لوضعه في المجالس وغرف الضيوف كنوع من التراث". ويشير أصلان إلى أن الألوان الأساسية للبلاط الشامي هي الأبيض والأحمر والأصفر والأخضر، وإذا طلب الزبون لوناً آخر كالبرتقالي مثلاً، فيتم دمج اللون الأحمر والأصفر. ويتابع: "نستطيع أن نخرج بأربيعن لوناً من خلال الألوان الأربعة الأساسية". وبحسب أصلان، تتميز كل مدينة بلون بلاط خاص بها، فمدينة يافا لها اللون البرتقالي، أما عكا فيدخل اللون البني والزيتي والأسود في بلاطها، وأما الأصفر والأحمر والأخضر والأبيض فهي لمدن نابلس وطولكرم ورام الله.
ويذكر أصلان أنه عانى مع الدوائر الحكومية، التي رفضت تسليمه ورقة تصدير للخارج، رغم سماحها له بالتصدير لسنتين. ويقول: "طلب منّا إحضار موافقة صاحب المصنع ولكنه متوفٍ، أو موافقة جميع الورثة، وهذا شرط تعجيزي". ويختم قائلاً: "مع عدم موافقة الحكومة على التصدير الخارجي، استغلت إسرائيل هذه الفرصة لتقديم عروض مغرية من أجل نقل المصنع إلى الداخل وتصدير البلاط الشامي باسم شركات إسرائيلية، ورفضت العرض باعتباره خيانة وطنية".
الكاتبة: مجد حسين فيديو: صابرين عزريل المحررة: سارة أبو الرب
2017-10-03 || 23:42
مختارات
أين يقع تل بلاطة في قائمة التراث العالمي؟
بعد سنة على إعادة افتتاحها.. كيف أصبحت مطحنة بريك؟