ثلاثة بيانات تندّد بإلغاء ندوة "فلسطين وأوروبا" في باريس
إلغاء مؤتمر أكاديمي حول فلسطين في كوليج دو فرانس المرموقة أثار موجة من الإدانات الدولية بالأوساط الأكاديمية، معتبرين القرار انتهاكاً للحريات الأكاديمية ومحاولة للرقابة السياسية على البحث العلمي.
أصدر 120 أكاديمياً في المجلس الأكاديمي للمنظمة الأميركية "صوت يهودي من أجل السلام" بياناً قوياً يُعربون فيه عن "غضبهم" إزاء إلغاء "كوليج دو فرانس" ندوة حول "فلسطين وأوروبا: ثقل الماضي وديناميات معاصرة"، بالشراكة مع المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
وجاء في البيان:
"عندما تُجبر مؤسسة مرموقة كهذه نفسها على فرض رقابة على الأنشطة الأكاديمية، فإنها تُخاطر بفقدان استقلالها الأكاديمي ونزاهتها، وتُشكل سابقة مُقلقة"... نرفض جميع الجهود المبذولة لاستخدام تهمة معاداة السامية لأغراض الرقابة أو لقمع الآراء حول إسرائيل وفلسطين التي ينبغي سماعها ومناقشتها. يجب حصر تهمة معاداة السامية في الحالات التي تستحقها حقاً. إن الاستخدام المُضلّل لهذا الاتهام لإغلاق العمل الأكاديمي المشروع والنقاش المفتوح يُقوّض قوته الأخلاقية ويخدم أغراض الرقابة.
نحن على دراية تامة بالعمل الأكاديمي للمشاركين المذكورين في مقترح الندوة، ونشهد على الجودة العالية لأبحاثهم الأكاديمية وعروضهم العامة: فمنشوراتهم تلبي أعلى معايير الدقة الأكاديمية والنزاهة والعلم. لا يوجد أي دليل على معاداة السامية في البرنامج المنشور، وأي ادعاء بخلاف ذلك مبني على تحريف لهؤلاء الأكاديميين وأعمالهم. ينتمي المشاركون إلى بعض أعرق الجامعات الأوروبية، حيث خضعت أعمالهم الأكاديمية لمراجعة شاملة واعتماد. يعكس برنامج الندوة الوضع الراهن للمناقشات الأكاديمية والنقاشات العامة حول غزة وإسرائيل/ فلسطين. نلفت انتباهكم إلى الاتهامات التشهيرية التي وجهتها الرابطة الدولية لمناهضة العنصرية ومعاداة السامية (LICRA) . فهذه المنظمة لا تشن حملة تشويه ضد الندوة فحسب، بل تُعتبر منذ فترة طويلة منظمة ذات مصداقية علمية محدودة للغاية، تُركز جهودها على حملات تهدف إلى إثارة الخوف والتحريض على الكراهية ضد العرب والمسلمين والفلسطينيين. لا ينبغي لوزارة التعليم العالي وجامعة فرنسا أن تسمحا لنفسيهما بالتأثر بمنظمة ذات مؤهلات علمية ضعيفة بشكل واضح، وأهدافها جدلية وتشهيرية وتحريضية. لنكن واضحين: قرار إلغاء هذا الحدث المهم هو عمل رقابي، يسمح لتصريحات تعسفية وتحريضية متداولة في وسائل الإعلام بأن تكون أساساً لقرار كان ينبغي، وفقاً لأي معيار معقول، أن يدعم الندوة وأهدافها. لذلك، ندعو كوليج دو فرانس إلى إعادة النظر في قرارها للسماح بإقامة الندوة".
إلى ذلك صدر بيان آخر يحمل توقيع أكثر من 1500 أكاديمي، ويطالب وزير التعليم العالي الفرنسي فيليب باتيست بالاستقالة بسبب انحيازه
وجاء في البيان المعنون "انتهاك الحريات الأكاديمية: سيادة الوزير، عليك الاستقالة":
"كان من المقرر انعقاد مؤتمر دولي بعنوان "فلسطين وأوروبا: ثقل الماضي وديناميكيات المعاصرة" في الكوليج دو فرانس يومي 13 و14 نوفمبر/ تشرين الثاني. إثر جدل أثارته صحيفتا "لوبوان" و"ليكرا"، وتضخم وتداولته وسائل إعلام وشبكات التواصل الاجتماعي اليمينية المتطرفة، رأى وزير التعليم العالي، السيد فيليب باتيست، أنه من المناسب تأجيج هذه الاتهامات الباطلة والتشهيرية بالضغط على إدارة الكوليج دو فرانس. وأعلنت الأخيرة لاحقاً إلغاء الفعالية. يُشكل هذا القرار انتهاكاً خطيراً للحريات الأكاديمية والعلمية.
هذه ليست حالة معزولة، بل هو انتهاك آخر يُضاف إلى لائجة طويلة من الاعتداءات على الحريات العلمية المستمرة منذ ما يقرب من عقد من الزمان، والتي تفاقمت بشكل ملحوظ في العامين الماضيين. وتمتد هذه الاعتداءات الآن إلى الكوليج دو فرانس، وهي مؤسسة رمزية لإنتاج ونقل المعرفة.
تظهر هنا ذريعة "الحياد" الأكاديمي كأداة للسيطرة الأيديولوجية على المؤسسات العلمية، تُستخدم لتثبيط أي إنتاج فكري نقدي. أما بالنسبة لمحتوى الندوة، فإن قراءة مبرراتها، بالإضافة إلى أسباب تنظيم الجلسات، كافية لإقناع أي شخص: هذا حدث علمي، قائم على أبحاث معاصرة، يتيح للباحثين من أنحاء العالم، والمعترف بهم في تخصصاتهم، فرصة عرض أعمالهم حول مختلف المواضيع المطروحة.
إن هذه المحاولة المتعمدة لعرقلة البحث الأكاديمي حول إسرائيل وفلسطين، كلما تعارضت مع الأطر الفكرية التي يروج لها مؤيدو السياسة الإسرائيلية، أمر مقلق للغاية ويتطلب رداً يتناسب مع المخاطر. كباحثين وأساتذة وطلاب، فقد فقدتم، يا معالي الوزير، ثقتنا بهذا الإجراء. نطالبكم صراحةً بالاستقالة".
وصدر بيان آخر تضامني من 300 شخصية جامعية دولية، بينهم جوديت بتلر، ونشرته جريدة "لوموند" الفرنسية، جاء فيه:
"نحن، أعضاء المجتمع العلمي - باحثون وأساتذة وطلاب ومواطنون ملتزمون باستقلال المعرفة - نعرب عن قلقنا العميق إزاء إلغاء مؤتمر "فلسطين وأوروبا: ثقل الماضي وديناميكيات المعاصرة"، الذي كان من المقرر عقده في الكوليج دو فرانس.
يُشكل هذا القرار، الذي اتُخذ إثر مقال مثير للجدل وضغوط مباشرة من وزارة التعليم العالي والبحث، اعتداءً غير مسبوق على الحرية الأكاديمية في فرنسا. فبذريعة ضمان النزاهة العلمية، شرّعت الوزارة التدخل السياسي في مجال البحث، متعارضةً مع مهمتها الأساسية: حماية استقلال الأكاديميين وتعدد المناهج العلمية...".
المصدر: المدن
2025-11-15 || 20:39