تاريخ البشناق في فلسطين
قبل حوالي 150 سنة، فضّل البنشناق هجرة وطنهم البوسنة والهرسك على العيش تحت حكم سياسي غير راضين عنه ولا يمثلهم. بضع مئات منهم جاؤوا إلى فلسطين واندمجوا مع سكانها.
يطلق مصطلح البشناق على مسلمي دولة البوسنة والهرسك، المتعددة الأديان، الذين تركوا بلادهم إثر اتفاقية برلين عام 1878، التي سلمت بموجبها الدولة العثمانية بلاد البوسنة والهرسك لتكون تحت سيطرة إمبراطورية النمسا والمجر؛ وبالمقابل كان لسكان المنطقة الأصليين الرافضين للحكم الجديد الحق في مغادرة أراضيهم والاستقرار في أراضي الدولة العثمانية الشاسعة.
قرر عدد كبير من المسلمين البوسنيين الهجرة، فمنهم من هاجر برًا واستقر في تركيا الحالية، ومنهم من ركب البحر متوجهًا إلى فلسطين والدول العربية الأخرى في الجنوب، التي كانت تابعة للدولة العثمانية آنذاك. وأطلق الناس عليهم اسم (البشانقة) أو (البشناق)؛ نسبة لبلادهم.
وصولهم إلى فلسطين
المجموعة التي وفدت لفلسطين تعدادها نحو 400 عائلة؛ فقد سمحت لهم الدولة العثمانية بالاستقرار في قيسارية جنوب حيفا، التي كانت خربة على شاطئ البحر المتوسط، فعمروها واستصلحوا أراضيها وعملوا على زراعتها. وبعضهم الآخر سكن في عرابة البطوف؛ وكان لهم فيها وفيما جاورها مساحات واسعة من الأراضي. وفيما بعد، سكن بعضهم مدن الضفة الغربية وقراها، مثل قرية يانون في محافظة نابلس، ومدينة طولكرم، وقرية رمانة في محافظة جنين، ومدينة القدس.
اندمج البشناق مع الفلسطينيين في مختلف نواحي الحياة، كالدين والتعليم والعمل والزواج وفي العادات والتقاليد؛ فتعلموا في المدارس العربية، وزوجوا بناتهم من شباب عرب، وعملوا مع الفلاحين الفلسطينيين في الزراعة.
أما القسم الثاني من البشانقة، فقد وصلوا إلى فلسطين خلال حرب عام 1948، للمشاركة في الدفاع عن فلسطين، وكان من بينهم مئات المتطوعين من الضباط والجنود البوسنيين؛ حيث توزع المتطوعون في القرى والمدن الفلسطينية ولا سيما في قرى الشمال. وأخذ الضباط منهم يدربون أبناء القرى والمدن الفلسطينية على السلاح استعداداً للمعارك مع اليهود؛ كما عمل بعضهم في جيش الإنقاذ كخبراء للمتفجرات والآليات والمدرعات.
أحمد باشا الجزار
ولم يكتفوا بالتدريب، بل خاضوا أشرس المعارك في يافا والقسطل والمالكية وترشيحا وسعسع والشجرة وكابرة وطولكرم؛ وارتقى العديد منهم شهداء، مثل: علي بولو باشش، هابر وديثابو اللذين استشهدا في معركة القسطل؛ وكامل بودورغ الذي استشهد في معركة يافا، وأمين خليلوفتش ومحمد رامش وحسن بشيش ومنيب بينو ومصطفى أماموش، الذين ارتقوا في معركة المالكية؛ بالإضافة إلى وقوع العشرات منهم جرحى.
وبعد توقف حرب 1948، أصاب البوسنيين في الشمال ما أصاب إخوانهم الفلسطينيين، فلجأوا إلى البلدان العربية المجاورة مثل سورية ولبنان والأردن؛ واستقر معظمهم في سورية.
أسماء عائلات البشناق التي قدمت إلى فلسطين:
العائلات التي قدمت إلى فلسطين تعددت أسماؤها، مثل: لاكشيتش، بيغوفيتش، مرادوفتش، جيهانوفيتش... وغيرها؛ وأصبحوا كلهم تحت مسمى واحد (بشناق).
ولعل أشهر شخصية بشناقية تاريخية عرفتها بلاد الشام والي عكا أحمد باشا حلمي بشناق، الذي عرف بــ "أحمد باشا الجزار"، الذي أفشل طموحات نابليون سنة 1799 ورد حملته على أعقابها.
الكاتب: عبد القادر عبد الحفيظ
المحرر: عبد الرحمن عثمان
2019-08-12 || 18:12