كثيرون ربما سمعوا بقرية كفر رمان أو يعرفونها، ولكن هل سمعتم بمشروع "خلوة الرمان"، الذي بات معلماً ونشاطاً مهماً في هذه القرية؟
تخبرنا أميرة عثمان عن قريتها وبيت جدتها، الذي تزوره من وقت لآخر في هذه القرية الفلسطينية الصغيرة وتقول "كفر رمان قرية صغيرة يقطنها نحو ألف نسمة، تقع بين نابلس وطولكرم، وتتبع عنبتا، قضاء طولكرم".
تعتبر كفر رمان من القرى "المنسية" في الأنشطة والحركة الاجتماعية والاقتصادية، وغالبية أبنائها مغتربون، وكانت شكلت في حرب عام 1967، ملجأ لكثيرين كمكان بعيد عن الأنظار بحسب رواية جدة أميرة.

قبل سنوات قليلة، بدأت معالم هذه القرية وبيوتها القديمة تتعرض لخطر الهدم والبيع، الأمر الذي شكل قلقًا لدى البعض من اندثار تلك الذكريات والمظاهر الفلسطينية الأصيلة.
عبد الرحمن عثمان صحفي فلسطيني مغترب في ألمانيا، وهو أحد أبناء كفر رمان، وواحد من قلة يؤمنون بأهمية المبادرات الفردية للحفاظ على فلسطينية المكان وثقافته، لذلك عزم على الخروج بمشروع إقامة للفنانين "خلوة رمان"، فقام بشراء 10 بيوت قديمة مهددة بالبيع أو الهدم، وعمل على ترميمها، ضمن ما أصبح يعرف بمشروع "خلوة الرمان"، لتشكل هذه البيوت ملاذا ومساحة لاستضافة ورعاية أي مثقف أو فنان لا يجد متسعاً أو مكاناً يحتويه، كما أنها متاحة لأي شخص قد يحتاج إلى عزلة لإنتاج كتاب أو لوحة فنية أو قطعة موسيقية، وكل ذلك مجاناً، ولكن بشرط وحيد، وهو تخصيص وقت لأبناء تلك القرية ومشاركتهم التجارب والأعمال والعروض، بهدف الإسهام في إحياء القرية والثقافة.
يقول صاحب هذا المشروع ومؤسسه عبد الرحمن عثمان في حديث خاص للقدس دوت كوم: "كل إنسان قادر على دعم الثقافة في فلسطين يتوجب عليه المساهمة في تطوير البلاد. لدي إيمان كبير في دور الثقافة بنهضة المجتمع وتغييره. مجتمعنا بحاجة للثقافة في مفهومها الشامل، الرسم والسينما والكتابة والمسرح، وهذا ما تفتقر إليه القرى البعيدة عن مراكز المدن".
ويضيف "أنا مهتم بأطفال القرية وبتعريفهم على الفنون والحياة والثقافة، وقبل هذا المشروع لم يحدث أن شهدت هذه القرية وأهلها شيئا من هذه الفعاليات، وقد تعلق الأطفال بهذا المشروع، لدرجة أنهم كلما رأوني صدفةً بالشارع يسألونني عما إذا كانت هناك فعاليات جديدة قادمة".
واستجابت العديد من الفرق الفنية والإبداعية من فلسطين والخارج لهذه المبادرة الرائدة من نوعها في خلق ما يسمى "قرية الثقافة"، فشاركت فرق الحكواتي والكمنجاتي وكذلك "فلفل وفليفلة" بعروض موسيقية ومسرحية لأطفال وأهالي القرية. لكن عبد الرحمن عثمان يرى أن التفاعل مع مشروع "خلوة الرمان" ليس كما ينبغي، وقد توقع إقبالاً أكثر عليه، كما أن البعض ما زال ينظر لهذه الفكرة بغرابة، وغير مستعد لتجريبها حتى لو أعجبته.
وعن دور "خلوة الرمان" في الحفاظ على الهوية الفلسطينية المهددة وتمكينها، يقول عبد الرحمن عثمان إن "الحفاظ على فن العمارة والعَقد والبيت الفلسطيني هو جزء من الهوية المعمارية الفلسطينية، التي هي جزء لا يتجزأ من الهوية الفلسطينية ككل".
ويرى عثمان أن التهديد الحقيقي للفن المعماري الفلسطيني لا يأتي من الجانب الإسرائيلي فقط، حيث إن هناك الكثير من الفلسطينيين الذين يجهلون أهمية هذه العمارة وجمالية وأهمية هذه البيوت القديمة، ما يشكل خطراً عليها وعلى الهوية.
ويتمنى عثمان أن تشكل مبادرته حافزًا للبعض للحفاظ على موروثنا الفلسطيني ويقول "في كثير من القرى الفلسطينية هناك عشرات البيوت المهجورة. أتمنى من خلال مبادرتي أن أحفز البعض على الاستلهام منها، كأن يقوم شباب كل قرية بترميم بيت واحد على الأقل والاستفادة منه بأي مشروع، لأننا إذا ما بقينا على هذا النهج فلن تمر أكثر من عشر سنوات حتى يختفي كل أثر للبيوت الفلسطينية القديمة في القرى، ويختفي معها جزء من الهوية، وهذا ما أتمنى على الناس أن يدركوه ويهتموا به أكثر".

الكاتبة: إسلام كمال- القدس.كوم