بين معلمي الظل وأمهات الحب.. صرخة فلسطينيات لحماية الأطفال ذوي الهمم
قصص كريم وعبود ومصطفى، تكشف تجارب أمهات فلسطينيات مع أطفال من ذوي الإعاقة مثل متلازمة داون والتوحد. ويستعرض التقرير التحديات الجوهرية كتوفير "معلم الظل" وغياب الدعم المؤسساتي الكافي، بالرغم من جهود وزارة التربية في برامج الدمج والمواءمات.
أراه مبتسماً دائماً، يفضل الجلوس أمام باب المنزل، ويهوى مشاهدة الأطفال في طريقهم إلى مدارسهم، بمن فيهم إخوته. ثم يدخل ويبقى جليس البيت غير قادر على الذهاب إلى مكان يحتويه. طلباته بسيطة جداً، وأحلامه تنبثق عن قلب نقي وروح مليئة بالأمل. قدراته تختلف عن الآخرين، ويعيش واقعاً فُرض عليه وعلينا. هذه كلمات والدة الطفل كريم (10 سنوات) من طولكرم، التي تعتبر ابنها "أكبر هدية ونعمة من الله".
وتقول والدة كريم: "عندما علمت أن لدى ابني متلازمة داون، بالبداية، كان صعباً علي تقبل الموضوع، لكن مع الوقت ومع دعم الأهل والأصدقاء، تقبلته، مع وجود خوف من المستقبل.. كيف سأتعامل مع التحديات ومن أين أجد المعلومات الموثوقة لأتعلم كيف أتعامل مع ابني. كنت أتابع مع الأطباء وجلساتهم العلاجية المتعبة، التي تؤثر بشكل مباشر على النفسية وسير الحياة ككل. ثم لجأت لمواقع التواصل الاجتماعي والجمعيات والمراكز المتخصصة. كانت رحلة صعبة. كنت أحضر كل ندوة لها علاقة بالموضوع وأتعلم أي مهارة قد تساعدني بتربية كريم وتعزيز سلوكياته ومهاراته وقدراته". وتضيف: "كانت أولويتي أن يعتمد على نفسه".
وفي الوقت الحالي، وصلت مرحلة كريم إلى الاندماج في مدرسة حكومية مع تواجد والدته معه يومياً كمعلمة ظل. وبناءً على تقييم وزارة التربية، فظهر عنده ميول للتعلم الأكاديمي الذي يتناسب مع قدراته. تلقت والدة كريم دعماً مؤسساتياً إضافة إلى جهدها الخارجي بالتواصل مع مراكز تقدم جلسات تحفيزية خارج إطار المدرسة. وعن هذا توضح والدة كريم: "تصلنا الآن دعوات لأنشطة وفعاليات من مؤسسات ترغب بحضور وتواجد كريم، حيث أصبح شخصية محبوبة ومتفاعلة وحظي باندماج لم أكن أحلم به".
وعن تجربتها تؤكد: "لمن لديه حالة خاصة مثل ابني كريم، فليسعى ويشارك ويتواصل ويسأل. شاركوا أولادكم بكل ما تستطيعون وأظهروهم للعلن. تجربتي علمتني أن أتخلى عن الخجل والتردد والخوف، لأن شعوري ينعكس على ابني. وأشارك معه في الأنشطة التعليمية والترفيهية والرياضية. وعلى المستوى الاجتماعي، فأنا غير مستعدة لإخفاء كريم، مثله مثل أي طفل. والطفل يأخذ ثقته من أهله".
"ابني غير مؤذي"
أم كريم ليست وحدها، فالسيدة أم عبد الله من نابلس تشاركها التجربة قائلة: "عبود عمره 6 سنوات صف أول مدموج بشكل طبيعي ولا يوجد عنده أي مشاكل سلوكية بالرغم من أنه تم تشخيصه بالتوحد الشديد غير الناطق. في البداية كانت الأعراض صعبة جداً. لذلك توجهنا به إلى المراكز المتخصصة وكنت أشاهد اليوتيوب لأتعلم كيف أتعامل مع عبود، وعرفت أن أطفال التوحد يكرهون التغيير ويرتاحون للنمطية. وتحسنت حالته لدرجة أنه بدأ يكتب ويقرأ ويمسك القلم باتقان، مع العلم أن لديه ارتخاء في العضلات الدقيقة ومن الصعب عليه إحكام قبضته على القلم".
وتضيف: "كان عمره سنتين وسبعة شهور عندما عرفت أن معه طيف التوحد. أذكر أني بكيت عندما تم تشخيصه لكن كان إيماني بالله كبيراً. وعندما كان عمره 3 سنوات، قال كلمة واحدة وهي (هاتي) بصعوبة بالغة وكأنه يستخرج الحروف من بئر عميق. وذات يوم، اكتشفت أنه يضرب رأسه بالأرض ولا يتوقف إلا بعد أن تنزل الدماء. كان وضعاً صعباً علي. خاصة أنه لا يتكلم إطلاقاً".
وتكمل: "تحسن وضع عبود بعد أن سجلته بجمعية رعاية الأطفال بوجود أخصائية نطق ودكتورة العلاج الطبيعي. أحبهم عبود وارتاح عندهم، لأنهم قدموا من قلبهم ما أثر على شخصيته وجعله لطيفاً غير مؤذياً للغير. ثم التحق بالروضة وكنت أقسم وقته ما بين المركز والروضة. والآن هو بالصف الأول وانتهت الحاجة للذهاب للمركز بعد أن قَيموا وضعه وأخبروني أنه من أنجح الحالات التي تعاملوا معها ولم يعد يحتاج إلى معلمة ظل".
أما والد عبد الله، فلم يصدق أن لدى ابنه طيف التوحد وقال، إن الطبيب مخطئ وإنه يجب عرض حالة ابنه على أطباء آخرين. لكن التشخيص نفسه تكرر لدى جميع الأطباء وتأكد والد عبد الله من أن لديه طفلاً مع طيف التوحد. وعن المدرسة الخاصة التي يدرس فيها عبد الله تقول والدته: "وضعته في مدرسة خاصة بصف أول بسبب صعوبة التنسيق مع المدارس الحكومية على مواعيد (الترويحة) فأخاف أن يخرج من المدرسة في وقت لا أكون فيه، فأنا لم أدربه بعد على أن يتنقل لوحده وأن يخرج للشارع دون مرافقة". مؤخراً، طلبت مديرة المدرسة "معلمة ظل" لعبد الله، لضمان استمرار تحسن حالته واندماجه مع أصدقائه. وتوضح والدته: "ابني ذكي ولا أريد أن تتراجع حالته وأعلم أن معلمة الظل ستساعده لكن لا أستطيع دفع 1500 شيكل لذلك. لدي ابنة بالجامعة وعبود بمدرسة خاصة".
وتذكر: "عبود أحلى شيء في الدنيا، فهو يستطيع إيصال المعلومات بشكل جيد ويلعب مع أولاد عمه ومن يراه يقول مستحيل أن يكون عنده توحد. نحن كعائلته ثابرنا ومن جد وجد. لكن لم أشعر يوماً أني قدمت له ما يكفي، على العكس أشعر بالتقصير تجاهه، وأتمنى تقديم المزيد. هذا الشعور ينتاب غالبية الأمهات مع أطفال التوحد ومنهن من تدخل في حالة نفسية معقدة وحتى تصل لمرحلة الاكتئاب".
1000 شيكل مصروف
وتشرح أم عبد الله: "الوضع المادي للأسر يلعب دوراً حاسماً. عندما كنا أتوجه لجلسات العلاج في القدس وبالرغم من أن تكاليف العلاج مغطاة كتحويلة من السلطة الفلسطينية، إلا أني كنت أحتاج إلى ألف شيكل زيادة كمصروف. كنت أذهب للقدس وفي محفظتي ألف شيكل وأعود بدونها".
وأم مصطفى، التي تعتز بابنها مصطفى (16 عاماً) وتوضح المعاناة التي تواجهها في ظل الوضع الاقتصادي السيء، قائلة: "التعليم هو أصعب شيء، فوضعه من الناحية الحركية ممتازة ولكن لا أستطيع توفير التعليم الذي يحتاجه، وأتمنى أن يصل للصف العاشر ويتعلم مهنة ليعيش منها لاحقاً. الأطفال في عمره يعيشون حياتهم أما ابني فهو حبيس المنزل، لأني لا أجد من يستقبل حالته بوضعنا الاقتصادي الصعب".
وعن التفاصيل تذكر: "هو حالياً بالصف التاسع ولجأت لوزارة التربية وعملوا له امتحان مستوى وأبلغوني أن لديه حق الأولوية بالدمج في المدرسة لكن لسوء الحظ لا يوجد إمكانيات في الوزارة وعلي أن أتكفل بمعلم ظل على حسابي. وهذا شيء غير ممكن لأن زوجي مريض ولا يعمل منذ سنتين ولدي ابنان أسيران في السجون الإسرائيلية. في البداية كنت أنا معلمة ظل لابني من صف أول إلى صف سابع. كنت أبدأ يومي الساعة 6 صباحاً وأقوم بأعمال البيت وأغادر المنزل كأنني طالبة مدرسة لأرافقه بيومه. عندما وصل صف ثامن، قمنا بتكليف معلم ظل على حسابي (كان مبلغاً رمزياً). وبعدها أبلغتني وزارة التربية أنه لا يمكنهم تغطية تكاليف معلم ظل أيضاً".
الدكتورة رولا عبد الرحمن الخراز مشرفة التربية الخاصة في مديرية تربية نابلس، تؤكد لـدوز، أن دور التربية في موضوع إدماج الأطفال ذوي الحالات الخاصة في المدارس بدأ منذ عام 2004. وتقريباً جميع الحالات يتم دمجها في المدارس باستثناء الإعاقات الشديدة، لأنها تحتاج إلى مراكز تأهيل ورعاية خاصة. مضيفة أن "دور التربية يتمثل في تقييم حالة الطفل وعمل اختبارات باستخدام أدوات خاصة مقننة من قبل الوزارة ومن خلال طاقم مدرب على هذه الأدوات، حتى نتمكن من فهم الحالة واحتياجاتها. ثم نقوم بعمل المواءمات الخاصة بهم في المدارس، مثلاً نوائم الحمام والشاحط إذا وجدت إعاقة حركية. والصف يجب أن يكون طابقاً أرضياً، وجلوس الطفل في الصف يتم دراسته، سواء أن يكون بالصفوف الأمامية أو في الوسط. ثم تتم مواءمة المنهاج وتقليل عدد الصفحات. ومن لديه صعوبة في الكتابة خاصة في الامتحانات، هناك أمور نخصصها له.
وتكمل: "وقبل توجه الطفل للمدرسة، نكون قد زرنا الموقع وتكلمنا مع المديرة وهيئنا الطاقم لاستقبال الطفل. وإذا كانت الحالة الخاصة طفلاً صغيراً، نهيئ الطلاب لاستقباله، ثم تتم متابعته من خلال الزيارات للمدرسة. أي تتم متابعته للطفل حتى ينهي دراسته. من حق جميع الأطفال الالتحاق بالمدرسة بعمر ست سنوات، لكن هناك حالات تكون في مراكز متخصصة ونعطيهم فرصة لعمر 10 و11 سنة حتى يتم تهيئتهم وبعدها يتم دمجهم في المدارس الحكومية. وهناك أطفال يتم إدماجهم في المدارس وفي نفس الوقت يكونون في مراكز تأهيلية، ثلاثة أيام في المدرسة والبقية في المراكز الأخرى، فالمدارس بالأساس تعليمية وليست تأهيلية".
دور وزارة التربية
وعن الخدمات والبرامج التي يتم توفيرها للأطفال من ذوي الحالات الخاصة، توضح الخراز "لدينا برنامج التربية الخاصة والذي يضم غرف المصادر والتي تخدم الطلاب من الصف الأول إلى الصف الرابع. والطالب الذي يعاني صعوبة تعلم في اللغة العربية والرياضيات يمكن إدخاله لهذه الغرفة ويوجد معلمة تربية خاصة مدربة والغرفة أيضاً مجهزة لدخول الطلاب بكل ما يلزم. ومن الصف الخامس إلى التوجيهي يوجد التعليم الجامع، أي التعليم للجميع. هنا تتم عملية المواءمة داخل الصف نفسه حتى لطلبة التوجيهي، كل طالب حسب حالته".
وتضيف "فيما يخص معلم الظل، فهو فعلاً بمثابة الظل، أي يرافق الطالب طوال الوقت في المدرسة. ومعلم الصف له دوره لكن لا يستطيع أن يترك بقية الطلاب للاهتمام بالحالة الخاصة. ومن هنا أتت فكرة معلم الظل. مثلاً أطفال التوحد لا يمكن دمجهم بدون معلم ظل لأنهم يحتاجون لرعاية أكثر ومعاملة خاصة. ومن ومهامه أن يرافق الطفل في المدرسة طوال الوقت، حيث يستلمه صباحاً من الأهل، وعند مغادرة المدرسة يعيده لأهله. ولديه أدوات تقييم يبني عليها خطة للطفل، فإذا كان عند الطفل قدرات ومهارات أكاديمية يبني له خطة أكاديمية وإذا كان يفقد هذه القدرات، يتعلم مهارات حياتية تحت متابعة معلم الظل ومشرف التربية الخاص. إحضار معلم ظل مسؤولية الأهل، ودورنا أن نتأكد من أنه يحمل شهادة جامعية من كلية العلوم الإنسانية ومع خبرة في التعامل مع الأطفال. ونفضل أن يكون تربية ابتدائية أو خاصة. ثم يرفعون كتاباً رسمياً بالموضوع وإذا انطبقت عليه الشروط يتم اعتماده. ثم تأتي عملية الإشراف من التربية لوضع أداة التقييم والخطط والمتابعة. مع التنويه إلى أن قوانين المدرسة تسري على معلم الظل كما هي على المعلمين الآخرين ولكن وجوده بالمدرسة مربوط بوجود الطالب".
وحول التكلفة المادية تشرح الخراز أن "هذا الموضوع يتم من خلال الاتفاق بين معلم الظل وأهل الطالب والتربية لا تتدخل نهائياً بالأمور المالية. ونحاول قدر استطاعتنا مساعدة الأهالي الذين ليس لديهم قدرة مادية للدفع لمعلم الظل، من خلال تعيين متدربات جامعيات لديهن مادة تدريب ميداني في مجال التربية الخاصة كمعلمات ظل مقابل احتساب ساعات التدريب والخبرة المكتسبة وأحياناً يتكفل الأهل بدفع المواصلات وما شابه. كما ويوجد أهل خير ومؤسسات داعمة لنا، تقوم بإرسال معلمتين أو ثلاثة، يتم فرزهم للتربية الخاصة. وذلك لأن راتب معلم الظل يتراوح ما بين 1000 -1500 شيكل شهرياً".
وتواجد الأهل كمرافقين لأبنائهم داخل المدارس، ترى الخراز أنها حالات قليلة جداً، لأن تواجد الأهل في المدرسة ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى استثناءات من وزارة التربية. مثلاً عند وجود إعاقة حركية وهو بحاجة لوالدته حتى تدخله إلى الحمام بدلاً من معلمة الظل، فالأم ترافق الطفل لكن ليس داخل الصف نفسه، فقط في مرافق معينة، على عكس معلمة الظل على سبيل المثال. وعن الخطط المستقبلية تقول الخراز، "نعمل بشكل دائم على تطوير البرامج وتدريب المعلمين في بهدف افتتاح غرف مصادر في جميع مدارس المرحلة الأساسية حتى نستطيع التخفيف على الأهل.
إيجاد معلم الظل ليس سهلاً
ومن التحديات التي تواجه الأهالي مع معلم الظل، الاستبدال المتكرر، فقد تبدل الأم معلم/ة الظل عدة مرات بالفصل الدراسي الواحد بسبب عدم تقبل الطفل، أو خلاف على المقابل المادي وغيرها من الأسباب. برغم هذه الصعوبات، فإن العام الماضي حمل قصص نجاح لعشرات الحالات الخاصة في المدارس الحكومية، حيث كان هناك 48 طالب/ة توجيهي يعانون إعاقات متنوعة وحصلوا على معدلات مرتفعة. وعن عدد الحالات الخاصة للطلبة الذين تم دمجهم في المدارس، تقول الخراز: "العام الماضي كان لدينا 1700 حالة داخل المدارس من إعاقات مختلفة ومن جميع الأعمار".
تقول نسرين الظاهر وهي أخصائية تربية خاصة لـدوز: "عملت في مدارس حكومية وخاصة منها أربع سنوات مع طفلة لديها اضطراب طيف التوحد، وحالياً أرافق طفلاً آخراً لديه طيف التوحد. وأهم ما يميز معلمة الظل هو طول البال والصبر لأن النتائج لا تكون سريعة". وتضيف: "من ضمن الصعوبات التي نواجهها أن الأهل غير صبورين ويبحثون عن نتائج أسرع من قدرات أطفالهم. فكل طفل حالة خاصة ولا يمكن المقارنة مع طفل آخر. هناك طفلة عملت معها سنة كاملة للتمييز بين الألوان. والسنة التي تليها نسيت كل شيء وعدنا من أول وجديد".
ومن الناحية المادية، توضح الظاهر: "نحن كمعلمات ظل نراعي الوضع الاقتصادي الصعب للأهالي وكل ما نريده هو الالتزام بالحد الأدنى من الأجور ورسالتنا هي أن تتكفل وزارة التربية برواتبنا، ما يساعد في التخفيف عن الأهالي". وعن التحديات الأخرى تضيف الظاهر "بعض الأهالي يتأخرون بالدفع، والبعض الآخر يتأخرون في استلام الطفل بالرغم من الاتفاق المسبق على ساعات العمل. وهنا يكون الطفل هو الضحية، لأنه يكون قد اعتاد على معلم/ة الظل ويصعب التأقلم مع غيرهم، خاصة أطفال التوحد".
توضح ريما باكير مديرة جمعية رعاية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في نابلس، وهي جمعية لرعاية وتأهيل وعلاج ذوي الإعاقة من كافة مناطق شمال الضفة الغربية، "أن الجمعية تتلقى رسوماً رمزية عن الخدمات التي توفرها وأن الجمعية لديها علاقات واسعة مع أهل الخير من المجتمع المحلي والعديد من المؤسسات التي تساهم في تكاليف التأهيل للأطفال الذين يعانون من أوضاع اقتصادية صعبة". مؤكدة أن "الجمعية توفر أحدث الأدوات والوسائل التعليمية وتتابع أحدث التطورات في مجال التأهيل، ولكنها بحاجة دائما إلى تطوير مستمر نظرا للتطور التكنولوجي السريع خاصة للأطفال فاقدي السمع".
فن من القلب
أما روان حمّاد أخصائية اجتماعية مسؤولة عن ذوي الإعاقة في مؤسسة فن من القلب (نابلس)، فترى أن رسالة مؤسستها الأساسية هي "كسر الصورة النمطية السائدة عن ذوي الإعاقة، والعمل على تمكين الطفل واكتشاف مواهبه وبناء ثقته بنفسه من خلال الفن. وما يميز عملنا أننا نستخدم الفن كأداة سواء في الورشات أو البرامج المختلفة التي تستهدف أيضاً توعية المدارس والجامعات والمراكز الثقافية". وتضيف "بدايةً سأتحدث عن برنامج (جسور) الموجه للأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية البسيطة إلى المتوسطة من عمر 15 فما فوق. جاء هذا البرنامج استجابةً لحاجة الأهالي، الذين يجدون صعوبة في إيجاد أماكن تحتضن أبنائهم بعد انتهاء المرحلة المدرسية أو جلسات التأهيل. ويهدف البرنامج إلى تطوير المهارات الحياتية والاجتماعية للمشاركين من خلال الفن وتعزيز ثقتهم بأنفسهم كفنانين قادرين على عرض أعمالهم للجمهور".
وتشرح عن "برنامج ابدأ" الذي يستهدف الأطفال من عمر 5-14 عاماً ممن يعانون من صعوبات التعلم النمائية والأكاديمية، بالإضافة إلى ذوي الإعاقة الذهنية ممن يحتاجون لجلسات فردية. ويركز البرنامج على سد الفجوة بين العمر الزمني والعمر النمائي للطفل. وحالياً تنفذ المؤسسة حملة للتوعية بالتوحد مع مراكز بنابلس ومدن أخرى.
وتكمل "الأمهات لسن بحاجة إلى نظرة الشفقة، بل هو حق لهن على المجتمع بمساعدتهم ودعمهم. وأيضاً موضوع التكاليف المادية لمعلمة الظل والمدرسة الخاصة وكشفية الأطباء والمستلزمات من أدوية أو فوط لعمر معين، هذه كلها احتياجات مستمرة. وتجد الأم تقوم بجميع الأدوار في البيت، مع أنه من المفروض أن يتم توزيع الأدوار، فالأخوة كل واحد من مشغول بحياته والأب مشغول بتأمين قوت يومي لعائلته. لذلك فإن الأم هي أكثر شخص يعاني وتحتاج لدعم أكبر".
حملة أمهات الحب
أطلقت مؤسسة فن من القلب حملة أمهات الحب، التي تضم أمهات يحملن على عاتقهن مسؤولية إيجاد حل لأطفالهن وأطفال آخرين من ذوي الإعاقة ويطالبن بتطبيق القوانين الخاصة بذوي الإعاقة. وهذه الحملة هي نتاج جهد استمر أربع سنوات على مرحلتين: الأولى هي تدريب الأمهات حتى يستطعن التحدث مع الإعلام بطريقة مناسبة عن قضايا حقوق أطفالهن، فأخذن تدريبات عن المناصرة بشكل محترف. والمرحلة الثانية تستهدف صناع القرار كوزارات التربية والتعليم، الصحة، التنمية الاجتماعية. وتضم الحملة لجنة مصغرة من أمهات يعبرن عن هذه القضايا والحقوق من خلال الفن.
المطالب الرئيسية لأمهات الحب تتركز في الجانب الحقوقي الأساسي لأي طفل، مثل التعليم، من خلال توفير معلمات ظل وأن تكون عملية الدمج مناسبة. ومن الناحية الصحية، أن يحصلوا على التأمين الشامل لأطفال الإعاقات الذهنية مثل التوحد. والجوانب الحياتية، كموضوع اللعب، إذ لا يوجد أماكن ملائمة لأطفالهم.
وقد أظهر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في تقرير له عن واقع حقوق الطفل الفلسطيني عام 2024، أن نسبة المدارس التي تتوفر فيها بنى تحتية ومواد ملائمة لاحتياجات الطلبة ذوي الإعاقة في الضفة الغربية في العام الدراسي 2024/2023 قد بلغت 68.4%. وأن اضطرابات التواصل هي أكثر أنواع الإعاقات انتشاراً بين الطلبة ذوي الإعاقات في المدارس الحكومية في الضفة الغربية حيث شكلت ما نسبته 29.2% وهي أكثر انتشاراً بين الذكور عن الإناث، ثم تأتي الإعاقة الحركية والشلل الدماغي بنسبة (%26.3) ومن ثم صعوبات التعلم بنسبة (%22.2 ) وهي أكثر انتشاراً بين الإناث عن الذكور.
الكاتبة: ميرفت الشافعي
2025-12-13 || 17:45