هل يسعى بنيامين نتنياهو لتحقيق "إسرائيل الكبرى"؟
نتنياهو يعزز رؤيته لـ "إسرائيل الكبرى" رغم الانتقادات الدولية لحربه على القطاع، وسط دعم أمريكي مستمر، مما يهدد فرص حل الدولتين ويعزل إسرائيل دولياً.
بينما يركز جزء كبير من العالم على حل الدولتين لإنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي الممتد منذ عقود، يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ماضٍ في تكريس رؤيته لـ "إسرائيل الكبرى".
وبالرغم من الإدانات الدولية المتصاعدة لحربه على غزة، والعزلة المتزايدة لإسرائيل، فإن نتنياهو يبدو أنه قطع نصف الطريق نحو هذا الهدف.
وقال أمين سايكال، أستاذ مشارك في العلوم الاجتماعية بجامعة أستراليا الغربية، إن حلّ الدولتين بات مجرد شعار ترفعه الحكومات حول العالم لإظهار التضامن مع الفلسطينيين، في وقت تعمل فيه إسرائيل بجد على إفشال هذا المفهوم تماماً.
واحتمالات قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل لم تكن يوماً أضعف مما هي عليه الآن.
دعم ترامب لإسرائيل
في أعقاب هجوم إسرائيل على قادة حماس في قطر بداية الشهر الجاري، عقدت الدوحة قمة عربية- إسلامية طارئة للرد جماعياً.
لكن الاجتماع جاء بلا جدوى حقيقية؛ إذ اكتفى القادة بإدانة الضربة على قطر دون وضع خطة لمنع إسرائيل من مهاجمة جيرانها أو وقف ما وصفته لجنة أممية بأنه إبادة جماعية في غزة.
وأصدر القادة بياناً باهتاً تعهّدوا فيه باتخاذ "كل الإجراءات القانونية والفعالة الممكنة لمنع إسرائيل من الاستمرار في أفعالها ضد الشعب الفلسطيني".
غير أن قادة المنطقة يدركون أن القوة الوحيدة القادرة على كبح إسرائيل هي شريكها الإستراتيجي الولايات المتحدة، التي لا تبدو مستعدة لفعل ذلك.
ففي حين طمأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب المنطقة بأن إسرائيل لن تكرر هجومها على قطر، سارع وزير خارجيته ماركو روبيو إلى إسرائيل ليؤكد مجدداً التحالف "غير القابل للكسر" مع الدولة العبرية.
وخلال صلاته إلى جانب نتنياهو عند حائط البراق واضعاً القلنسوة اليهودية (كيباه)، أوضح روبيو أن إدارة ترامب ستقف إلى جانب رئيس الوزراء حتى النهاية.
من جهته، سارع نتنياهو للتصريح بأن لإسرائيل الحق في ضرب "إرهابيي حماس" في أي مكان، مطالبًا قطر بطرد قادة الحركة أو مواجهة هجمات جديدة.
رؤية "إسرائيل الكبرى"
استناداً إلى خطاب نتنياهو ووزرائه المتطرفين، يبدو أن مشروع "إسرائيل الكبرى" يحتل أولوية، فقد لمح نتنياهو مؤخراً إلى أنه "مرتبط جداً" بهذه الفكرة.
مصطلح "إسرائيل الكبرى" برز بعد حرب 1967، ويشير إلى الأراضي التي احتلتها إسرائيل حينها: الضفة الغربية، القدس الشرقية، غزة، الجولان وسيناء (التي أعيدت لاحقاً لمصر).
وقد تكرّس هذا المفهوم في ميثاق تأسيس حزب "الليكود" عام 1977، حيث جاء فيه: "ما بين البحر المتوسط ونهر الأردن ستكون السيادة الإسرائيلية وحدها".
العام الماضي، أكد نتنياهو أن على إسرائيل أن تسيطر أمنياً على "كامل المنطقة الواقعة غرب نهر الأردن"، معترفاً بأن ذلك "يصطدم بفكرة السيادة الفلسطينية، لكن ما العمل؟".
اليوم، يبدو نتنياهو في موقع يمكنه من ضم قطاع غزة، ثم توسيع السيادة الإسرائيلية على المستوطنات بالضفة الغربية- حيث يعيش أكثر من 700 ألف مستوطن تحت حماية جيش الاحتلال- وربما ضم المنطقة كلها لاحقاً.
إضافة إلى ذلك، حققت إسرائيل مكاسب عسكرية في لبنان وسوريا بعد إضعاف حزب الله وتوجيه ضربات جنوب سوريا وإيران. وقد أكد نتنياهو أن وجود الجيش الإسرائيلي هناك لن يتراجع قريباً.
ورغم أن القادة العرب والمسلمين أدانوا تصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"، فإن الولايات المتحدة لم تعلن معارضة صريحة لها، بينما كان السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هوكابي من أبرز الداعمين للفكرة.
ماذا يمكن أن يفعل العالم؟
تجاهل نتنياهو وطاقمه الحاكم الانتقادات الدولية على حرب غزة الكارثية طوال نحو عامين، مستندين إلى الدعم الأميركي اللامحدود عسكرياً واقتصادياً ومالياً.
وبحسب منتقديه، فإنه لم يُبدِ اهتماماً يُذكر بمصير الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، متجاهلاً رغبة غالبية الإسرائيليين بوقف إطلاق النار والتوصل إلى صفقة تبادل.
بالنسبة لنتنياهو وحكومته، الغاية تبرر الوسيلة. وبالتالي، فإن الاعتراف المتوقع هذا الأسبوع في الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطين من قبل دول غربية عدة لن يكون له أي أثر، إذ سبق لكل من إسرائيل والولايات المتحدة رفضه باعتباره مجرد خطوة رمزية لا قيمة لها.
السؤال المطروح: ماذا يمكن فعله لثني إسرائيل عن هذا المسار؟
الكاتب يرى أن السبيل الوحيد هو فرض عقوبات على نتنياهو وحكومته وقطع جميع العلاقات العسكرية والاقتصادية والتجارية مع إسرائيل.
أما ما دون ذلك فسيمنح القيادة الإسرائيلية الضوء الأخضر لمواصلة السعي وراء "إسرائيل الكبرى"، إن كان هذا بالفعل هدفها النهائي.
ويحذر الكاتب من أن تحقيق هذه الرؤية سيكلف الفلسطينيين والمنطقة الكثير، لكنه سيُلحق أيضاً ضرراً فادحاً بسمعة إسرائيل عالمياً، وقد يتركها في عزلة طويلة الأمد حتى بعد رحيل نتنياهو عن الحكم.
المصدر: وكالات
2025-09-24 || 19:41