4 فوائد لعمل المراهقين في الإجازة الصيفية
في مقال لها على موقع "آي إن سي"، تؤكد الكاتبة الأميركية جيسيكا ستيلمان أن هناك أسبابا وجيهة لخوض الابن المراهق تجربة العمل في إجازة الصيف، تعرف عليها.
المراهقة هي "فترة انتقالية مثيرة ومُجهدة بين الطفولة والبلوغ، تبدأ من سن 10 إلى 19 سنة، وقد تمتد إلى سن 24 عاما"، طبقا لبحث نشرته مجلة "لانسيت" عام 2018.
وهي فترة يمر فيها الأطفال بعدة تغييرات سريعة -بمعدلات مختلفة- في أجسادهم وأدمغتهم، ويتعرضون لتحديات فكرية ونفسية واجتماعية "لاسكتشاف ذواتهم وهويتهم ومكانهم في العالم"، وليصبحوا أكثر استقلالية ويُكوّنوا بوصلة خاصة بهم، وهي رحلة قد تكون مثيرة "لكنها ليست سلسة دائما"، وفقا لموقع "كليفلاند كلينيك".
وفي مواجهة صعوبة مرحلة المراهقة، يؤكد الخبراء أهمية أن يكتسب الأطفال إحساسا بالقدرة يُمكّنهم من بناء الثقة بالنفس، والتدرب على احترام الذات والمثابرة الملهمة، من خلال تشجيع جهودهم للمشاركة في الأنشطة التي يختارونها، واتخاذ القرارات، وتقبل ارتكاب الأخطاء والتعلم منها، ومحاسبة أنفسهم على أفعالهم، باعتبارها "الطريقة التي يحققون بها الاستقلال الضروري لهويتهم المستقبلية".
لماذا يجب تشجيع المراهقين على العمل في الإجازة الصيفية؟
في مقال لها على موقع "آي إن سي"، تؤكد الكاتبة الأميركية جيسيكا ستيلمان أن "هناك أسبابا وجيهة لخوض الابن المراهق تجربة العمل في إجازة الصيف"، ومن أهم هذه الأسباب:
بناء الشخصية واحترام الذات
عالمة النفس لسن المراهقة، باربرا غرينبيرغ، تقول لموقع "فورتش" إن العمل الصيفي للمراهقين "أمر رائع لاحترام الذات". وتنصح بيكا بالينغر، مدربة الأبوة والأمومة المعتمدة، عملاءها المراهقين -خاصة من يعانون من الاكتئاب- بـ"أن يحصلوا على وظيفة صيفية"، مؤكدة أنهم يتعافون بعد هذا العلاج، "حيث يُصبح لديهم شيء يلزمهم بالنهوض من السرير للقيام به، والحضور في الوقت المحدد، والشعور بأن لديهم هدفا، بالإضافة إلى فرحهم بالراتب"، وكل هذا جيد لصحتهم العقلية، ولاستقرارهم في المستقبل، كما يساعدهم على الخروج من القوقعة التي قد يحبسهم فيها الأب والأم، ليفعلوا الأشياء بأنفسهم ويثيروا إعجاب رئيسهم في العمل و"يتعلموا كيفية حل المشكلات".
النجاح في المستقبل
تُضيف بالينغر أن "الوظيفة الصيفية تفتح أبوابا لا يمكن تخيلها، فهي تساعد المراهقين في حياتهم المهنية المستقبلية، بل وتهيئهم لتحقيق النجاح مدى الحياة". فقد أظهرت نتائج دراسة شملت أكثر من 256 ألف شاب كندي، ونُشرت عام 2014 أن "المراهقين الذين يعملون في وظائف بدوام جزئي، يحصلون على وظائف جيدة، بسبب خوضهم المبكر لتجربة العمل، مما ساعدهم على صقل خبراتهم، وتعزيز مهاراتهم، واكتساب علاقات أفضل، وتعلم كيفية البحث عن عمل بنجاح أكبر".
الحصول على فرص تعليم جامعي أفضل
لا يزال العديد من الآباء يعتقدون أن إجازة أبنائهم الصيفية تعني التمتع بمزيد من الكسل والترفيه، ويشغلونها بالأنشطة التقليدية، كالسفر واللعب وممارسة الرياضة والهوايات ومشاهدة أفلام الكرتون.
رغم أن أندرو تشالنجر، نائب رئيس إحدى شركات الأبحاث التجارية، يقول "إن المراهقين ربما يساعدوا أسرهم في توفير تكلفة الدراسة الجامعية المرتفعة".
كما تحذر سوزان وارنر، المستشارة الجامعية المستقلة بمدينة نيويورك، من أن الجامعات ذات التصنيف "قد لا تجد جاذبية في ممارسة المراهق المتقدم لها لهواية ركوب الأمواج، على سبيل المثال".
وتستشهد إيرينا سميث، مسؤولة القبول السابقة في جامعة ستانفورد لصحيفة "أتلانتيك" بحالة طالبة أرفقت بطلبها مقالة بارزة عن عملها في الوجبات السريعة في الصيف، قائلة "إن الطلاب من هذه النوعية كانوا يلمعون مثل الألماس بين المتقدمين لجامعة هارفارد".
وتضيف أنها أصبحت تتلقى اتصالات من آباء كُثُر، يشعرون بالذعر لأن أطفالهم الذين يبلغون من العمر 14 عاما "لا يقضون الصيف بشكل مُنتج"، ويريدون معرفة كيفية الحصول على عمل جزئي لهم في إحدى الشركات.
أما ريتشارد ويزبورد، الباحث في كلية الدراسات العليا للتربية بجامعة هارفارد، فيقول في تقريره المنشور على موقع الجامعة عام 2016، حول ضرورة تغيير معايير القبول في الكليات: "إن العمل في الإجازة الصيفية هو درس حقيقي للمراهقين في كيفية التعامل مع الناس، بخلاف كسب المال، ورؤية الحياة من خلال عدسة مختلفة تماما"، موصيا بتركيز عملية القبول في الكليات على خوض المتقدمين لتجارب عمل حقيقية وذات مغزى، أو الانخراط في خدمات تُنمي الامتنان والشعور بالمسؤولية عن المستقبل.
كما أظهرت دراسة أجراها جاكوب ليوس أوربيل، الباحث الرئيسي في جامعة ستانفورد، "أن عمل المراهقين الصيفي، له آثار إيجابية وهامة على تحصيلهم الدراسي ونتائجهم الأكاديمية أيضا".
ولكن، رغم كل هذه المزايا، لا يرى مسؤولو القبول في الجامعات زيادة في تجربة العمل الصيفي في العالم الحقيقي، حيث وجد مركز "بيو" للأبحاث أن 35% فقط من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و19 عاما في الولايات المتحدة يعملون خلال فصل الصيف.
فهم قيمة المال وتعلّم المهارات الحياتية الأساسية
فمن الشائع أن الوظائف الصيفية تعلم المراهقين قيمة المال، وهو ما تؤكده غرينبيرغ قائلة "إن كسب المراهقين لمالهم الخاص، يمكن أن يساعدهم على تعلم الدروس الأساسية حول معنى المال والادخار وتكلفة الأشياء وكيفية وضع الميزانية لها".
وتقول غرينبيرغ "إن تذوق طعم العمل يُكسب الأطفال الكثير من المهارات"، فهم يتعلمون المسؤولية، ويتعلمون كيفية العمل كفريق، وكيفية العمل مع رئيسهم، وكيفية التعامل مع أنواع مختلفة من الموظفين، مما يساعدهم في التعامل مع الناس من جميع الأعمار.
وقد أجرت المؤلفة ميشيل بوربا مقابلات مع 500 مراهق، لتسألهم عما ساعدهم أكثر في أن يصبحوا أكثر تعاطفا، فأفاد غالبيتهم بأنه "التعرف على وجهات نظر مختلفة". وعقبت قائلة "إن تعرض هذه المرحلة العمرية للتنوع والاختلاف يساعدهم على معرفة أن الآخرين قد يشاركونهم نفس المشاعر أو الإعجابات أو الاحتياجات".
ففي الوقت الذي يضيق فيه المراهق بقواعد الوالدين، قد يجد ذاته في الاحتفاظ بوظيفة توجب عليه الاستيقاظ في الصباح وتحمل المسؤولية وإدارة وقته ونقوده، والابتعاد عن هاتفه المحمول". وهو ما قد يكون بمثابة دورة تدريبية مكثفة في مهارة مهمة مثل التعامل مع الناس.
كما تُظهر مجموعة كبيرة من الأبحاث الأكاديمية أن معظم الوظائف الصيفية التي تشغل العقل إلى حد كبير أثناء إنجاز العمل، وتُدرب على أخذ زمام المبادرة، وتنمية العلاقات مع الزملاء، "هي مهارة من شأنها أن تخدم الشباب بشكل جيد طوال حياتهم المهنية، وخاصة في بدايتها".
المصدر: الجزيرة + مواقع إلكترونية
2024-07-27 || 09:58