غزة بعد الهدنة .. "المزاج الفلسطيني يريد الاستقرار"
عقب تبادل رهائن ومعتقلين وفق خطة ترامب، أعلنت إسرائيل إطلاق النار على مشتبه بهم في غزة وأعلن الجانب الفلسطيني مقتل ستة بالقطاع. وأظهر استطلاع رأي أن المزاج العام الفلسطيني يتجه نحو الواقعية السياسية والرغبة بالاستقرار.
قال الجيش الإسرائيلي، الثلاثاء 14.10.2025، إن قواته أطلقت النار لإبعاد تهديد شكله عدد ممن وصفهم بالمشتبه بهم الذين اقتربوا من قواته في شمال غزة، بينما ذكرت السلطات الصحية في القطاع أن ستة فلسطينيين على الأقل قتلوا في إطلاق نار إسرائيلي. وأضاف الجيش أن المشتبه بهم تجاوزوا الخط المقرر للانسحاب الإسرائيلي الأولي بموجب خطة وقف إطلاق النار التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل وحركة حماس. وقالت السلطات الصحية في غزة إن الجيش الإسرائيلي قتل ستة فلسطينيين في واقعتين منفصلتين.
ويوم أمس الإثنين، أطلقت حركة حماس سراح آخر الرهائن الإسرائيليين الأحياء من غزة، وأفرجت إسرائيل عن معتقلين فلسطينيين بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتهاء حرب استمرت عامين وقلبت الأوضاع في الشرق الأوسط رأسا على عقب.
وشدد رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز الثلاثاء اليوم الثلاثاء على أن اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحماس ينبغي ألا يكون سببا لـ"الإفلات من العقاب"، وعلى أن "الفاعلين الرئيسيين في الإبادة الجماعية" في غزة يجب أن يُحاسَبوا قضائياً. وتنفي إسرائيل ارتكابها إبادة جماعية وتقول إنها تدافع عن نفسها.
من جهة أخرى، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، صباح اليوم الثلاثاء، المسجد الأقصى، تحت حماية الشرطة الإسرائيلية. وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس ،في بيان صحفي، بأن "وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، اقتحم المسجد الأقصى، إلى جانب عشرات المستوطنين، في آخر أيام عيد العرش اليهودي". وأدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية بـ "أشد العبارات اقتحام" بن غفير للمسجد الأقصى.
التعرف على رفات رهائن
وأعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء التعرف على هويات رفات أربعة رهائن سلمتها حركة حماس وهم ثلاثة إسرائيليين وطالب نيبالي يدعى بيفين جوشي، وأن التعرف على الجثث تم من قبل المعهد الوطني للطب الشرعي. وأبلغ ممثلو الجيش عائلات غاي إيلوز وبيفين جوشي ورهينتين أخريين متوفيين، والذين لم تُجز عائلاتهم بعد نشر أسمائهم، أن ذويهم أُعيدوا إلى البلاد لدفنهم".
وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر اليوم الثلاثاء إن تسليم رفات الرهائن والمعتقلين الذين سقطوا في الحرب بين إسرائيل وحركة حماس سيستغرق وقتاً، مؤكدةً أنها ستسهل تسليم رفات أشخاص سقطوا من الجانبين في حرب غزة، ووصفت الأمر بأنه "تحد جسيم" بالنظر إلى صعوبة العثور على الجثث وسط أنقاض غزة، "وربما يستغرق أياماً أو أسابيع وأن هناك احتمالاً ألا يتم العثور عليهم أبداً".
مطالب فتح جميع المعابر إلى غزة
وطالبت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر الثلاثاء بفتح جميع المعابر إلى غزة للسماح بإدخال المساعدات الحيوية "نظراً إلى الاحتياجات الهائلة" بالنسبة للقطاع المدمر. من جانبه، أكد المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ينس ليركه "نحتاج إلى أن يتم فتحها كلها".
من جانب آخر، قال متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر رداً على سؤال حول دور مؤسسة غزة الإنسانية بالقطاع إنه "جرى إبلاغنا باحتمال حدوث تحول".
جهود إعادة إعمار غزة
وقال مسؤول في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي اليوم الثلاثاء إن دولاً، من بينها الولايات المتحدة ودول عربية وأوروبية، أعطت إشارات واعدة على استعدادها للمساهمة في تكلفة إعادة إعمار غزة البالغة 70 مليار دولار. وقال في جنيف: "لدينا بالفعل مؤشرات جيدة جداً"، وذكر أن التقديرات تشير إلى أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس خلفت ما لا يقل عن 55 مليون طن من الأنقاض في القطاع. وقال المسؤول رداً على سؤال حول الإطار الزمني لإعادة إعمار غزة: "ربما في حدود عقد أو عقود، وربما أكثر".
وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه سيسعى لحشد دعم دول الخليج والولايات المتحدة وأوروبا لإعادة إعمار غزة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الجديد، وعبر عن اعتقاده أن تمويل المشاريع سيتوفر بسرعة.
"معظم الفلسطينيين لا يرون منتصراً في الحرب"
وأظهر استطلاع جديد للرأي - نُشر أمس الإثنين - أن غالبية الفلسطينيين يرون أن الحرب الأخيرة لم تسفر عن منتصر واضح، بل خلفت خسائر بشرية ومادية فادحة للطرفين، فيما يميل المزاج العام نحو الواقعية السياسية والرغبة في الاستقرار، مع إشادة واسعة بالدور المصري وتقييم متباين للدور الأمريكي. وشمل الاستطلاع -الذي أجراه المركز الفلسطيني للرأي العام (بي سي بي أو) الذي يرأسه الدكتور نبيل كوكالي، خلال الفترة من 8 إلى 12 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري 2025- 301 مشارك من سكان قطاع غزة ممن تزيد أعمارهم على 18 عاماً.
وأظهر الاستطلاع أن 71,1 بالمئة من المستطلعين يعتقدون أنه "لا يوجد منتصر في الحرب"، مقابل 11,3 بالمئة رأوا أن إسرائيل هي المنتصرة، و11 بالمئة قالوا إن حركة حماس خرجت فائزة، بينما امتنع 6,6 بالمئة عن الإجابة. وقال كوكالي إن نتائج المسح "تعكس وعياً متزايداً لدى الفلسطينيين بثمن الحرب الباهظ وميلاً نحو إنهاء دوامة العنف والانتقال من المواجهة إلى منطق التسوية".
وأضاف أن الهدف من الاستطلاع هو "رصد اتجاهات الرأي العام بعد توقف العمليات العسكرية وتقييم الثقة في الأطراف المحلية والدولية". وأبدى الفلسطينيون مواقف متباينة تجاه الدور الأمريكي في إنهاء الحرب؛ إذ رأى 44,5 بالمئة أن دور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان إيجابيا بدرجات متفاوتة، مقابل 30,2 بالمئة وصفوه بالسلبـي، و19,3 بالمئة اعتبروا أنه لم يكن مؤثراً.
"الحرب لم تعد تُرى كبطولة"
كما قال 54,2 بالمئة إنهم لا يثقون بترامب، مقابل 35,2 بالمئة أعربوا عن ثقة جزئية أو كاملة. وفي المقابل، أبدى 83,5 بالمئة من المستطلعين تقديرهم لدور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، معتبرين أنه كان "فعالاً" في وقف الحرب والتوصل إلى اتفاق تهدئة، مقابل 10,6 بالمئة وصفوه بغير الفعال، و5,9 بالمئة امتنعوا عن الإجابة.
ويرى القائمون على الاستطلاع أن هذه النتائج تعبر عن "مزاج يجمع بين الأمل المشروط والقلق الواقعي"، إذ يربط معظم الفلسطينيين أي تحسن في الأوضاع بالاستقرار السياسي ونجاح جهود الإعمار. وخلص الاستطلاع إلى أن الفلسطينيين باتوا أكثر ميلا إلى الواقعية السياسية وإلى تغليب منطق التسوية على منطق المواجهة، مع رغبة واضحة في إعادة الإعمار وتحقيق استقرار دائم على أساس الشرعية الوطنية والدعم العربي والدولي.
وقال الدكتور كوكالي في ختام الاستطلاع إن "الحرب لم تعد ترى كبطولة، بل كعبء إنساني واقتصادي يهدد مستقبل الأجيال"، مضيفاً أن الرأي العام الفلسطيني "يبحث عن أفق سلام واقعي يضع حدا لدائرة العنف ويؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار".
بالتعاون مع دويتشه فيله
2025-10-14 || 20:52