هـآرتـس: نـافـذة فـرص نحـو تحـالـف دفـاعـي إقـليـمـي
يُقدم نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق يئير غولان تحليلاً سياسياً للفرص التي نشأت أمام إسرائيل بعد الهجوم الإيراني الأخير، ويدعو إلى تغيير جذري في السياسة الإسرائيلية واستغلال هذه الفرصة لخلق تحالف إقليمي برئاسة الولايات المتحدة.
الهجوم المركب لإيران ضد إسرائيل خلق لإسرائيل فرصاً سياسية واستراتيجية غير مسبوقة، تحققها يرتبط بتبصر سياسي وزعامة وطهارة في الرأي. بمفاهيم تجارية فان إسرائيل يمكنها أن تنفذ الآن الخروج وأن تحقق الفوائد الجديدة التي وجدت. سياسة الخروج وتنفيذها، التي على كابينت مسؤول وحكيم وجدي أن يتبناها وبسرعة.
نهاية عزلة إسرائيل
هجوم 14 نيسان يشكل فرصة لإعادة تشكيل الواقع الصعب الذي تعيش فيه الدولة منذ أشهر. وقد ظهر تغير في الرأي العام العالمي، ووقوف بريطانيا وفرنسا والأردن والولايات المتحدة الى جانب إسرائيل، بدعم هادئ من دول الخليج، ينهي عزلة إسرائيل الآخذة في التعمق الى درجة الوصول الى خطر حقيقي على أمنها. هجوم إيران مكن من إعادة تأطير رواية إسرائيل، بما يشبه الأيام الأولى بعد المذبحة في 7 أكتوبر.
تغير السياسة الكارثية
هذا الواقع الجديد غير مفهوم ضمنا. فالأعضاء في التحالف الإقليمي، على رأسهم أميركا، امتنعوا عن العمل عندما تمت مهاجمة ممتلكات استراتيجية سعودية على يد إيران. هذا التغيير المؤسس في سياسة الرئيس الأميركي لن يستمر إذا لم تقم إسرائيل باستغلال ذلك من اجل تغيير مهم في توجهها من السياسة الكارثية التي جرتنا إليها حكومة نتنياهو.
إسرائيل يجب عليها تغيير الميزان الاستراتيجي وتجسيد الإنجازات العسكرية المهمة التي تم تحقيقها في القطاع ووقف الحرب. ويجب عليها أيضا خلق الظروف لإعادة المخطوفين والحفاظ على حرية العمل، وفي نفس الوقت تطبيق حلم الحلف الدفاعي الإقليمي برئاسة الولايات المتحدة في عهد الرئيس بايدن.
الحلف الدفاعي
أمام العرض المؤثر المهدد والخطير من جهة إيران، الذي جمع عدة قدرات هجومية، صمدت دولة إسرائيل مع أفضل ما يوجد في ترسانتها الدفاعية. الحديث يدور عن قدرة عسكرية، علمية وهندسية، مثيرة للإعجاب، لكن ما حدث هنا قبل الهجوم الإيراني أهم بكثير. فقد تشكل هنا حلف دفاعي بالفعل تشارك فيه الدول الرائدة من ناحية عسكرية في الناتو، الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا، الى جانب دول الخليج المعتدلة والجارة في الشرق، الأردن.
ضمان بقاء
إن عرض هدف التحالف الإقليمي يوضح مستوى خطورة سياسة نتنياهو الدبلوماسية، وكم كانت عزلته وعزلة الشركاء الفاشيين في حكومته، كارثية. إن الجمع بين هذه القدرات الاستخبارية والدفاعية والهجومية هو الضمانة للسلام في المنطقة، لكن أيضا الضمانة لبقاء دولة إسرائيل.
وضع إسرائيل
المعركة مع إيران هي حدث متواصل وإسرائيل وصلت الى هذه المواجهة وهي بعيدة عن وجودها في أفضل حالاتها. فالمجتمع متفكك والمناعة الوطنية تنزف، في حين أن الرجال والنساء والأطفال والشيوخ لدينا تم التخلي عنهم. الوكيل الإيراني في الشمال، حزب الله، بعيد عن الحسم وإسرائيل فقدت ممتلكات ردع مهمة، الأمر الذي يحتاج الى استعداد دائم وتجديد القدرات وتجديد الاحتياط. إضافة الى ذلك هذا يحتاج الى كسب ثقة الجمهور بعد أن تراجعت إسرائيل عن السياسة الأساسية وأقامت حزام أمان في بلادنا مع تحويل عشرات آلاف مواطنيها الى لاجئين في بلادهم.
إنجاز عسكري
إن وقف الحرب في غزة بالشروط الجديدة التي تشكلت في 14 نيسان يخدم مصلحة إسرائيل ويعزز الأمن وينشئ ظروفاً جديدة قبل أي مواجهة أخرى محتملة. للمرة الأولى تجسد إسرائيل الإنجاز العسكري وتحوله الى هدف سياسي جدير. حماس تلقت ضربة قاسية.
قدرة نووية عملياتية
إسرائيل يمكنها الحفاظ على حرية أمنية كاملة في القطاع مع نقل الصلاحيات الأمنية الى قوة إقليمية متعددة الجنسيات، والمسؤولية المدنية للسلطة الفلسطينية. هذا الوضع يخلق ظروفاً نموذجية لإعادة المخطوفين وعودة المخلَوْن الى الجنوب والشمال. وإقامة التحالف الإقليمي ستخدم إسرائيل في المواجهة مع حزب الله وفي طلباتها من السلطة الفلسطينية. إدارة الأخطار تتغير وإسرائيل تتمتع بمعادلة أفضل بكثير أمام إيران، التي لم تكن في أي يوم قريبة بهذا القدر من الوصول الى قدرة نووية عملياتية.
مقاربة إقليمية
إن تطبيق خروجنا المتأخر في هذا الوقت من قطاع غزة يضع تحت الاختبار، للمرة الأولى، المحور الديمقراطي – الليبرالي أو السني المعتدل أمام المحور الشيعي الأصولي، إيران، روسيا والصين، وهو محور متطرف وعنيف ويضر بالاستقرار الإقليمي والدولي. إسرائيل يجب عليها اختيار أي محور تريد الانتماء إليه.
من الواضح أنه بدون مقاربة إقليمية مناسبة، في مركزها الاستعداد للتقدم في الساحة الفلسطينية، لن يكون مثل هذا التحالف، الذي سيوجد جبهة أمنية قوية. بالذات النجاح في كسر هجوم إيران يوضح بشكل قاطع حجم القرار الذي تحتاجه إسرائيل.
خطة الخروج وتحقيقها التي اقترحها تحتاج الى قيادة ترى للمدى البعيد وتدرك الوزن الاستراتيجي الذي أوجدته هذه الفرصة. هذه يجب أن تكون قيادة تلتزم دائما بأمن إسرائيل وليس ببقاء أكثر القادة فشلاً فيها. مثل هذه الفرصة لا تتكرر.
الكاتب: يئير غولان/ هآرتس
2024-04-19 || 11:54