برنامج المرافقة المسكوني: بصمة في قرية يانون
على بعد 15 كم جنوبي شرق مدينة نابلس، يعيش مجموعة من المتطوعين الدوليين التابعين لبرنامج المرافقة المسكوني في فلسطين (EAPPI) في قرية يــانون. القرية الأصغر في محافظة نابلس والتي بلغ عدد سكانها مؤخراً 100 نسمة، وتتعرض لمضايقات المستوطنين بشكل مستمر.
شهد العام 2002 توافد أكثر من 560 متطوعاً من أكثر من17 دولة اختاروا أن تظفر فلسطين بهم، فيما عرف لاحقاً بـ (EAPPI)، أي برنامج المرافقة المسكوني في فلسطين لمجلس الكنائس العالمي. وأخذ هؤلاء المتطوعين على عاتقهم إيصال المعلومات للمنظمات العالمية الحقوقية حول الانتهاكات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، ومن ثم العمل على إنهاء الاحتلال وتطبيق القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لحل القضية بشكل عادل.
يعمل متطوعو هذا البرنامج بمبادرةٍ من مجلس الكنائس العالمي بطلب من كنائس القدس، وتقول كارينا، إحدى المتطوعات والتي وفدت من البرازيل: "يهدف هذا البرنامج بشكل رئيسي إلى رصد اعتداءات المستوطنين في حدود مركزنا يانون جنوبي شرق مدينة نابلس، حيث نعمل على تغطية الحدث ومحاولة منعه قدر الإمكان ومن ثم إرسال تقارير إلى مراكز حقوق الإنسان".
كارينا تعمل في قرية يانون قضاء نابلس وتقول إن البرنامج لديه أكثر من مركز في الضفة الغربية والقدس، وقرية يانون كانت بالنسبة لهم مركزاً ضائعاً. توضح كارينا قائلة: "يانون هي من القرى الأكثر عرضة لاعتداءات المستوطنين؛ فلا يمر فيها أسبوع على حاله، فكانت إحدى الأماكن الواجب على البرنامج إنشاء مركز فيها".
كارينا تركت المونديال الذي يقام في بلدها الأم البرازيل من أجل أن تنقل صورة فلسطين للغرب قائلة: "نحن نشعر بكم، ففي بلدي لست من الطبقة المخملية التي تحصل على تذاكر لحضور المباريات، ومجيئي إلى هنا يجعلني أدرك أن باستطاعتي فعل شيء لهذه البشرية".
سبعة مواقع مختلفة
يعيش المشاركون في برنامج المرافقة المسكوني في سبعة مواقع مكوثٍ دائمٍ في الضفة والقدس، ومنها بيت لحم ويطا ويانون جنوبي شرق نابلس، ويعملون على مرافقة الناس في مواجهاتهم اليومية مع الجيش الإسرائيلي، يسجلون ويصورون ويقومون كذلك بحملات مناصرةٍ في بلدانهم الأصلية لنقل صورة الاحتلال الحقيقية، على حد وصفهم. وبذلك يحفزون شعوبهم ونوابهم للعمل من أجل إقامة سلام عادل على أساس قرارات الشرعية الدولية.
وما يساعدهم في النشر، هو ما راعته الكنائس من تقسيمهم على فترات، حيث يستبدل أعضاء البرنامج كل ثلاثة أشهر للحفاظ على النوعية. تورا مثلاً صحفية من إنجلترا، ومينا ممرضة، ودييغو معلم من الإكوادور، ونك طالب، وجون مبشر من إنجلترا وأكبر متطوع لديهم يبلغ من العمر 67 عاماً.
الصحفية تورا توضح: "نحن العاملون في يانون أتينا بملئ إرادتنا، فقد قدمت أنا مثلاً طلباً لكنيستي ووافقوا على إرسالي هنا، وكوني صحفية أساعد كثيراً بنشر صور تتكلم عن نفسها، كما أني أكتب تقاريراً حول الاعتداءات".
"ليس عندكم أسلحة، لكن أقلامكم وآلات تصويركم أقوى"، هكذا وصف المواطن من قرية يانون عدنان هيئة (EAPPI) المسكونيين، وعبارة المسكوني هي مصطلح اختير للدلالة على عملٍ عام بين شركاء تميزوا بانتمائاتهم الطائفية والدينية المختلفة.
[caption id="attachment_12797" align="aligncenter" width="750"]

إحدى منشورات برنامج المرافقة المسكوني في فلسطين EAPPI[/caption]
إحدى مجموعات المتطوعين
هل ينتهي عملهم بمجرد العودة إلى بلادهم وتجديد الهيئة؟ سؤالٌ أجابت عنه مينا قائلة: "لا ينتهي عملنا فور العودة للوطن بل نعمد إلى تنظيم فعاليات مناصرة وحملات لنقل رسالة للعالم مفادها أنه لا بد للاحتلال أن ينتهي".
وتضيف: "يقوم المرافقون السابقون بإلقاء مئات المحاضرات سنوياً في مؤتمرات اللجان البرلمانية كل في بلده، ونكشف من خلالها عن الواقع الفلسطيني، ونعمد لإجراء اجتماعات مع النواب لتحفيزهم على الوقوف ضد الانتهاكات لحقوق الفلسطينيين بما فيها هدم المنازل وعرقلة التربية والتعليم واحتجاز الأطفال والحد من الحريات الدينية وحقوق الاقامة".
لماذا يانون؟
تقول كريستينا إحدى المتطوعات من ألمانيا: "قرية يانون خالية تقريبا من السكان، فاعتداءات المستوطنين المتكررة أجبرت معظم سكانها على الهجرة، ويانون الآن مهددة بالزوال".
قرية يانون، والتي تقع على بعد 15 كم جنوبي شرق نابلس تتعرض يومياً لاعتداءات مستوطني "ايتمار"، فيعمدون إلى تحطيم النوافذ وإحراق المزارع وتخريب مولدات الكهرباء وتلويث مياه النبع الوحيدة للقرية، هذا ما أكدته مينا. وما يلفت الانتباه شدة اهتمام هذه الهيئة بيانون، فتلاحظ حرصاً شديداً حتى في إيصال الإجابة لك وفي إشعارك بمدى الإهمال الذي تتعرض له القرية.
يانون تحتضن الآن 100 نسمة بعد أن كانوا 108 نسمة في 20 بيتا حسب الإحصاء الفلسطيني؛ فقد هاجرت عائلة من العائلات هرباً من الاعتداءت المتكررة من قبل المستوطنيين، وربما في هذا دليل على وجوب الاهتمام بيانون وإقامة إحدى فروع (EAPPI) فيها.
[caption id="attachment_12796" align="aligncenter" width="751"]

يتمركز ناشطو برنامج المرافقة المسكوني في سبعة مواقع مختلفة بالضفة الغربية[/caption]
هي هيئة أبت إلا أن يكون لها بصمة في عالم السياسة وفي عالم الحروب في مكان هم بغنى عن التواجد فيه، لكنهم جاؤوا بقلوب مفتوحة وبعقول أكثر انفتاحاً على واقع ما زال مجهولاً لكثير من العقول الغربية.
الكاتبة: حياة دوابشة
المحرر: أحمد البظ
الصور: أحمد البظ
2014-09-05 || 01:46