إسرائيل تخيّر عائلات غـزة: التعاون أو القتل
المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يقول إن إسرائيل تنتهج سياسة ابتزاز خطيرة بحق عائلات القطاع، وتضعها أمام خيارين كارثيين، إما التعاون مع الجيش والمليشيات أو مواجهة القتل الجماعي والتجويع والتهجير القسري.
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن إسرائيل تنتهج سياسة ابتزاز خطيرة بحق عائلات في قطاع غزة، بوضعها أمام خيارين كارثيين لا ثالث لهما: إما التعاون مع قوات الجيش الإسرائيلي ومليشياتها، أو مواجهة القتل الجماعي والتجويع والتهجير القسري، في نمط إبادِي متصاعد انتقل من ابتزاز فردي إلى جماعي ويستهدف تفكيك نسيج المجتمع الفلسطيني، عبر إجبار الأفراد على خيانة مجتمعهم وتدمير الروابط الاجتماعية وإخضاع الناجين لشروط بقاء تُحطّم هوية الجماعة وقدرتها على الاستمرار.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي في بيان، الأحد 28.09.2025، أن فريقه الميداني رصد تصعيدًا غير مسبوق في ابتزاز إسرائيل للعائلات الفلسطينية في قطاع غزة، حيث انتقلت من الضغط على الأفراد إلى ابتزاز جماعي منهجي يضع الأسر بكاملها أمام معادلة مروّعة لا خيار فيها سوى الانخراط في العصابات والمليشيات التي تنشئها إسرائيل أو مواجهة الملاحقة والقتل الجماعي والتجويع والتهجير القسري، في محاولة منظمة للقضاء على المجتمع الفلسطيني واخضاعه لإرادة الاحتلال الإسرائيلي.
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنه تلقى شهادات صادمة من أفراد في عائلات أُجبرت على الاختيار بين البقاء تحت الحصار والقصف بلا مأوى أو غذاء أو دواء، وبين النزوح القسري نحو المجهول في ظروف تفتقد أدنى مقومات الحياة، وسط تهديد مباشر وصريح بالقتل إن لم يمتثلوا لأوامر جيش الاحتلال الإسرائيلي، في مشهد يعكس سياسة مدروسة لتحطيم إرادة المدنيين الفلسطينيين ودفعهم إلى الاستسلام عبر استخدام الخوف والدمار كسلاح جماعي.
عائلات تعرضت لضغوط مباشرة من أجل التعاون الأمني مع الجيش
كما أكدت شهادات أخرى أن عائلات فلسطينية تعرّضت لضغوط مباشرة للتعاون الأمني مع الجيش الإسرائيلي مقابل السماح لها بالبقاء في بعض المناطق أو الحصول على المساعدات الأساسية، في ممارسةٍ تُحوِّل الإغاثة من حق إنساني غير مشروط إلى أداة ابتزاز ووسيلة للسيطرة، وتضع حياة المدنيين في دائرة مقايضات قسرية تُجردهم من أبسط أشكال الحماية الإنسانية.
المرصد وثق ارتكاب الجيش مجزرة بحق عائلة بكر في مخيم الشاطئ
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أن فريقه الميداني وثّق ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلي مجزرة فجر اليوم بحق عائلة بكر في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، أسفرت عن مقتل تسعة من أفرادها بينهم نساء وأطفال، وذلك بعد يوم واحد فقط من رفض العائلة التجاوب مع طلب إسرائيلي بالبقاء في المنطقة وتشكيل مليشيا محلية تعمل لصالح الجيش وتنفّذ مهام غير مشروعة، على غرار عصابة "أبو شباب" التي شكّلها شرقي رفح، موضحًا المرصد أن الجيش بدأ بالفعل بالعمل على تشكيل عصابات مشابهة في عدة مناطق أخرى من قطاع غزة، بينها جنوب خانيونس وشرق حي الشجاعية وبيت لاهيا شمالي القطاع.
وفي هذا الصدد أفاد المواطن معتصم بكر لفريق الأورومتوسطي: "أن مختار العائلة اضطر للنزوح قسرًا بعد أن كانت العائلة قد قررت البقاء في منازلها وخيامها غرب غزة، وأن هذا القرار جاء عقب اتصال إسرائيلي عُرض فيه على المختار البقاء مع ضمان الأمان شريطة أن يعمل أبناء العائلة كمليشيا تابعة للجيش على غرار مجموعة "أبو شباب" وأن يلتزموا بسياساته، لكنه رفض وأبلغ أفراد عائلته بضرورة الرحيل، فغادروا بالفعل مفضلين النوم في الطرقات وافترش الأرض على أن يُسجَّل في تاريخ العائلة أنها انخرطت في درب الخيانة."
المرصد: تلقى معلومات من مصادر في عائلتي الديري ودغمش بتعرضهم لعروض إسرائيلية مماثلة
وأكد المرصد الأورومتوسطي أنه تلقى معلومات من مصادر في عائلتي الديري ودغمش تفيد بتعرضهم لعروض إسرائيلية مماثلة للانخراط في مليشيات محلية، وعندما قوبل ذلك بالرفض كثّف الجيش الإسرائيلي تفجير العربات المفخخة في حي الصبرة، وأعقب ذلك بقصف واسع استهدف عددًا من المنازل بينها مربع سكني لعائلة دغمش قبل أيام، ما أسفر عن مقتل أكثر من ستين فردًا من العائلة لا يزال كثير منهم تحت الأنقاض حتى اللحظة.
وأشار المرصد إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي كان قد انتهج هذه الممارسة في وقت سابق من عدوانه على قطاع غزة بشكل فردي، حيث كان يتواصل مع عدد من المخاتير ويعرض عليهم التعاون من خلال تولي مسؤولية توزيع المساعدات والتنسيق مع قواته، موضحًا أن العديد من هؤلاء المخاتير والوجهاء الذين رفضوا التجاوب مع هذه الطروحات تعرضوا لاحقًا للاستهداف المباشر.
المرصد: الجيش يصعد من ابتزازه الفردي إلى ابتزاز جماعي منظم
وأضاف الأورومتوسطي أن جيش الاحتلال صعد من ابتزازه الفردي إلى ابتزازٍ جماعي منظم، حيث يحاول الآن تشكيل عصابات ومليشيات مرتبطة به تقوم بمهام غير مشروعة، بما في ذلك نشر الفوضى والسرقات، مستغلةً هشاشة المجتمع الفلسطينية الناتجة عن عامين من جريمة الإبادة الجماعية.
ويشير المرصد إلى أن هذه الممارسات تندرج ضمن الأفعال المجرّمة في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولا سيما المادة 8(2)(أ)(5) التي تحظر بشكل قاطع إرغام المدنيين أو الأسرى على الخدمة في صفوف قوة معادية أو المشاركة في عمليات عسكرية لصالحها، إذ أن محاولات جيش الاحتلال تشكيل مليشيات محلية تابعة له من خلال التهديد بالقتل أو التهجير أو حرمان العائلات من المساعدات الأساسية تمثل انتهاكًا صريحًا لهذا النص وتشكل جريمة حرب مكتملة الأركان.
المرصد: رفض العائلات للخضوع لمقايضات الاحتلال لا يسقط عنها حق الحماية
كما أكد المرصد أن فقدان الحماية غير مشروط بقبول التعاون، وأن رفض العائلات للخضوع لمقايضات الاحتلال لا يسقط عنها حقّ الحماية أو يبرّر أي هجوم أو تهجير، فالمساس بالمدنيين أو إجبارهم على النزوح أو تجويعهم يظل جريمة بغضّ النظر عن موقف الضحايا. ووفق شهادات الميدان، فإن فرض خيار «التعاون أو القتل» يستخدم كآلية ابتزاز لإخضاع السكان، وهو نهج منهجي يستهدف تدمير قدرة المجتمع على البقاء وليس مجرد تحقيق أهداف عسكرية.
المرصد: هذه الممارسات تندرج بوضوح ضمن نطاق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية
وقال المرصد إن هذه الممارسات تندرج بوضوح ضمن نطاق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إذ إن استهداف المدنيين وتجويعهم وتهجيرهم قسرًا أو استخدام المساعدات كأداة ابتزاز تُعدّ أفعالًا محظورة بشكل قاطع بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الجنائي الدولي، ولا يغيّر من طبيعتها أو يبرّرها رفض الضحايا التعاون أو الامتثال لأوامر الاحتلال، فالحماية التي يتمتع بها المدنيون لا تُسقط تحت أي ظرف.
وأكد أن تواتر هذه الأفعال وربطها بالسياق الأوسع للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يكشف عن نهج يستهدف تحطيم النسيج الاجتماعي للمجتمع الفلسطيني وإخضاعه، وهو ما يشكّل مؤشرًا خطيرًا على نية الإبادة الجماعية عبر التدمير التدريجي وإضعاف القدرة الجماعية على البقاء.
ودعا المرصد الأورومتوسطي الجمعية العامة إلى تبني قرار عاجل بموجب هذا الإطار لتشكيل قوة حفظ سلام ونشرها في قطاع غزة، بما يكفل وقف الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، وضمان وصول وتوزيع المساعدات الإنسانية بلا عوائق، وحماية المرافق الصحية والإغاثية، وإنهاء الحصار وإعادة الإعمار، مؤكدًا أنّ تفعيل هذا المسار يُعد واجبًا قانونيًا وأخلاقيًا على عاتق المجتمع الدولي لحماية المدنيين في قطاع غزة.
المرصد يطالب الدول منفردة ومجتمعة بتحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف الإبادة بغزة
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بتحمّل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين، داعيًا أيضا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع السابق في أول فرصة، وإصدار المزيد من أوامر الاعتقال، وتسليمهم إلى العدالة الدولية، ودون إخلال بمبدأ عدم الحصانة أمام الجرائم الدولية.
المرصد يدعو المجتمع الدولي إلى ضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين
ودعا المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى ضمان محاسبة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية والوطنية المختصة، وفرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها أو المنتجات ذات الاستخدام المزدوج، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.
المرصد يحث المجتمع الدولي على العمل فوراً وفقاً لالتزاماته القانونية
وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على العمل فورًا وفقًا لالتزاماته القانونية وإنهاء الأسباب الجذرية لمعاناة الشعب الفلسطيني واضطهاده على مدار 77 عامًا، وضمان حق الفلسطينيين في العيش بحرية وكرامة وتقرير المصير وفقًا للقانون الدولي، والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني والاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي المفروض على الأراضي الفلسطينية، وتفكيك نظام العزل والفصل العنصري المفروض ضد الفلسطينيين، والانسحاب الكامل للوجود الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 1967، ورفع الحصار غير القانوني عن قطاع غزة، وضمان مساءلة ومحاسبة الجناة الإسرائيليين، وكفالة حق الضحايا الفلسطينيين في التعويض والانتصاف.
المصدر: المرصد الأورومتوسطي
2025-09-28 || 15:54