هـآرتـس: قـبـل الغـرق فـي الـوحـل ثـلاثـي الساحـات
يقدم المحلل الاقتصادي سامي بيرتس تحليلاً للوضع الراهن في قطاع غزة، وتتصاعد حدة التوتر بين إسرائيل والحركة، ويناقش الخيارات المتاحة أمام إسرائيل لحل الأزمة المتعلقة في حكم القطاع واستعادة المخطوفين، ويُشير إلى أن إسرائيل بحاجة لاتخاذ خطوات حاسمة لإنهاء الصراع قبل الغرق في الوحل ثلاثي الساحات.
أسعار الشقق ارتفعت 2.8% في الأشهر الثلاثة الأخيرة رغم الحرب، الوضع الاستراتيجي الذي توجد فيه إسرائيل معقد. الحكومة منعت دخول العمال الفلسطينيين من "يهودا والسامرة" منذ 7 تشرين الأول، وهي لا تنجح في العثور على بديل من خلال استيراد العمال الأجانب. النتيجة هي ارتفاع أسعار ينبع بالأساس من العجز الحكومي. هذا فقط مثال واحد على ثمن تراجع الحكومة عن مواجهة المعضلات التي جرتها لنفسها. المعضلات الأخرى أكثر خطورة من ارتفاع أسعار الشقق.
منطق جديد
بعد أشهر، قالوا في الحكومة والجيش، إن "استخدام القوة العسكرية سيقرب إطلاق سراح المخطوفين"، هذا المنطق فشل وحل مكانه منطق جديد. وقد عبر عنه في هذا الأسبوع وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهر عندما قال، "لقد قمنا بتقليل القوة في غزة لأننا نريد التوصل إلى الصفقة. ماذا فكرتم، هل فقط هكذا اتخذت الحكومة قرار تقليص قوة الحرب؟ نحن نريد التوصل إلى صفقة".
احتمالات الصفقة
في هذه الأثناء أيضا، تقليص قوة القتال لن يدفع قدما بإعادة المخطوفين، وفي إسرائيل يفحصون أي وسائل سيستخدمون لتحقيق انعطافه. أحد الاحتمالات هو الموافقة على جميع طلبات "حماس" والانسحاب من غزة وتحرير عدد غير قليل من المخربين الفلسطينيين الملطخة أيديهم بالدماء. "حماس" أيضا ستطلب ضمانات لبقائها. وفي المنظومة السياسية الحالية لا توجد أي احتمالية لتمرير مثل هذه الصفقة. عمليا كل الحكومة ستكون ملزمة بمنع "حماس" من الحكم في غزة وتشكيل أي تهديد على إسرائيل.
الحكم في غزة.. خيارين
هذا الأمر يبقي أمام الحكومة طريقتين للعمل، إما حكم عسكري في غزة كما يقترح اليمين المتطرف أو وضع جهة حكم جديدة هناك تحتل مكان "حماس". معنى الحكم العسكري بالنسبة لمكانة إسرائيل الدولية واقتصادها والمجتمع المدمر فيها وبعد إخلاء الجيش لجميع المناطق التي قام بالسيطرة عليها، هو حل غير عملي لأنه يحتاج إلى سيطرة جديدة للقطاع.
الطريقة الثانية هي دمج السلطة الفلسطينية بشكل معين في السيطرة في غزة. أعاد الانسحاب من المناطق التي سيطرت عليها إسرائيل "حماس" بسرعة إلى الحكم هناك. المساعدات الإنسانية التي ازداد إدخالها بشكل دراماتيكي في الأسابيع الأخيرة تسمح لـ"حماس" بالانتعاش وتعزيز سيطرتها السلطوية. ولو أنه كانت هناك جهات أخرى تسيطر على تلقي المساعدات وتعمل على توزيعها وتتحمل المسؤولية عن إعادة إعمار أساسية للبنى التحتية المدمرة لكان ذلك سيخلق منافسة أمام "حماس" ويخلق تهديدا لحكمها.
نتنياهو.. مراوغة في الصياغة
يمكن المراوغة في صياغة من ستكون جهة الحكم الجديدة، وبنيامين نتنياهو فعل ذلك وبحق عندما نشر وثيقة قصيرة حول اليوم التالي وصف فيها من الذي يمكن أن يحكم في غزة. "بقدر الإمكان سترتكز الإدارة المدنية التي ستكون المسؤولة عن النظام في غزة على جهات محلية لها خبرة في الإدارة. وهذه الجهات لن تكون متماهية مع دول أو جهات تدعم الإرهاب أو تحصل منها على الرواتب. من جهة، نتنياهو لا يستبعد السلطة. ومن جهة أخرى، يرتجف من احتمالية ذكرها خوفا من رد بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير. النتيجة هي مغسلة كلمات بدلا من السياسة، الإشارات بدلا من خطة عمل حقيقية، والمماطلة بدلا من قيادة وتصميم.
استراتيجية فاشلة
هذا سيبقي إسرائيل أمام طريق مسدود لن يفتح إلى حين أن يهزم الجيش الإسرائيلي كتائب "حماس" في رفح. معارضة اليمين المتطرف وجهات في "الليكود" لدمج السلطة الفلسطينية في الحكم في غزة تنبع من الخوف من تعزيزها. لذلك فإن هذا سينهي استراتيجية الفصل بين قطاع غزة وبين "يهودا والسامرة" التي منعت الدفع قدما بحل الدولتين. لكن في 7 أكتوبر تبين أن هذه الاستراتيجية هي استراتيجية فاشلة ومدمرة، وهذا ما حدث منذ ذلك الحين عندما انضمت "حماس" للحملة، وإيران الآن أيضا.
إن مستوى المخاطرة آخذ في الازدياد، وهو يقتضي حلا تشارك فيه السلطة الفلسطينية بدعم دولي مع الحفاظ على حرية العمل الأمنية لإسرائيل في كل ما يتعلق بالسيطرة على غزة، هذا قبل الغرق في الوحل ثلاثي الساحات.
الكاتب: سامي بيرتس/ هآرتس
2024-04-18 || 12:42