لمولك.. إله الماء أم ملك حبرون؟
الخبير بالنقوش والآثار الشاعر زكريا محمد يقدم قراءة أولية لنقوش على آذان الجرار الفخارية، عثر عليها في جنوب فلسطين.
عُثر في فلسطين وفي جنوبها على الأخص، على مئات من آذان الجرار الفخارية التي طبعت عليها قبل أن تشوى كلمة (لـ ملك).
لكن أحيانا تكون هذه الكلمة مصحوبة باسم مدينة محددة. فتكون الجملة هكذا: (لملك حبرون) وحبرون هي الخليل. والكل يخبرنا أن هذه الجملة تعني أن ما في الجرار مرسل للملك أو يخص الملك أو أنه ضريبة للملك. ويفترضون أن هذا الملك هو حزقيا اليهودي الذي حاصره سنحاريب في نهاية القرن الثامن قبل الميلاد، هذا هو الإجماع.
ومرة واحدة خالف باحث ألماني هذا الإجماع واقترح أن الكلمة يجب أن تُقرأ هكذا (لمولك). ومولك هو إله شنت عليه التوراة هجوما ضاريا. بالتالي، فما على الجرة هو تقدمة لهذا الإله أو تقدمة باسم هذا الإله، لكن الباحث تراجع عن هذا الأمر لاحقا، كي تكتمل الكذبة ويحل الصمت.
وقد عالجت قضية مولك هذا بتوسع في كتابي: (عندما سحقت حية موسى: نشوء الديانة اليهودية في فلسطين) لمن أراد أن يعرف عن قضيته.
في كل حال، أنا أؤيد اقتراح الباحث الألماني رغم تخليه عنه. إنه الاقتراح الوحيد المعقول. أما الحديث عن حزقيا وسنحاريب وملك سياسي، فهذه كلها أكاذيب. هناك إله معبود منذ القدم وكانت تقدم له تقدمات في وقت محدد من السنة وكانت هذه التقدمات تقدم تحت اسم (المالك) أو (مولك) كما قرئت خطأ، لأن هذا الإله هو مالك الماء السفلي وعلى من يستخدم ماءه أن يقدم له تقدمات هي ثمن لهذا الماء. وهذا الإله هو يهوه المعبود المغرق في القدم. بالتالي، فالتقدمات ليهوه.
عليه، فحين نقرأ جملة (لـ ملك حبرون) على أذن جرة، فيجب أن نفهم أن ما في الجرة تقدمة للمالك أو لمولك حبرون، أي لهذا الإله يهوه في مقره في حبرون الخليل. فكل مدينة لها معبد محدد باسم هذا الإله. وحين أحصل على وقت سوف أعالج هذا الأمر على قدر طاقتي.
تاريخ فلسطين يعبث به عبث لا مثيل له في تاريخ البشرية كلها.
مرفق صورة لأذن جرة عليها كلمتان. الكلمة العليا (لملك) والكلمة السفلى (حبرن)، أي حبرون.

المصدر: زكريا محمد
2019-06-15 || 10:58