حلم الأفعى الصّفراء ومرض السّرطان
هل يشخّص الحلم مرض صاحبه؟ هذا ما يعتقد الشاعر زكريا محمد بحدوثه معه حينما كان مصاباً بسرطان القولون. قراءة ممتعة.
أصبت بسرطان القولون قبل عشرين عاما، وأجريت لي عملية، وشفيت.
لكن ما أود أن أحدثكم عنه يتعلق بمنام رأيته بعد ليلتين من معرفتي بالسرطان. في حلمي ذهبت إلى المرحاض، فوجدت في حوضه ثلاث حيات تطل برؤوسها. وبشكل ما أغرق الماء اثنتين منهما، أو أنهما غاصتا في الماء وذهبتا. أما الثالثة، وكانت ذات عنق أصفر، فظلت في الحوض ترفع رأسها. وكانت تخيفني. ثم فتحت فمها، وأخرجت نابها وغرزته في قدمي. ولا أعرف بالطبع كيف انتقلت الحية الصفراء من حوض المرحاض كي تعض قدمي. غرزت نابها لكن الناب لم يصب القدم، لم يصب اللحم الحي، بل انغرز في الحفّاية (الشّبشب) التي ارتديها في رجلي، وتدفق السم في الحفاية. وأحسست بالسم باردا يرطب بطن قدمي.
ثم ذهبت وأجريت العملية. وفحصت الأنسجة، فتبين أن الورم في نهاية المرحلة الثانية. أي أنه كان يكاد يلمس الثالثة، حيث إمكانية الشفاء ضعيفة. وحين جاء الشاعر طاهر رياض ليزورني، حكيت له قصة الحيات، وربطت بينها وبين نتيجة فحص الأنسجة. فلاحظ أن الورم كان على (حافة) الثالثة، وأن الحية الثالثة الصفراء لدغت (الحفاية) ولم تصب اللحم. عليه، ففي الحافة تكمن الرسالة. الحلم جعل الحية الثالثة تحاول لدغي لكنه لم يمكنها إلا من (الحفاية)، بل ومن (حافة) الحفاية، أي طرفها. كما أن الفحص الطبي بين أن الورم وصل إلى نهاية المرحلة الثانية، ثم وقف على (حافتها)، ولم يتمكن من العبور إلى مرحلته الثالثة. ويمكنك أن تلاحظ أيضا أن القولون حوض، وهو حوض للإفرازات، أي أنه بشكل ما مثل حوض المرحاض.
إذن، فقد كان الحلم يشخص لي، بشكل ما، حالتي الطبية قبل العملية. كان يقول لي إن ورمك في نهاية المرحلة الثانية، وأن المرحلة الثالثة تحاول أن تلدغك كما الحية الصفراء الثالثة.
لم أكن أؤمن بما كان يقوله (يونغ) من قبل، وهو إن الأحلام تحمل رسائل عن وضع جسدك، وأن هذا الجسد يكتبها لتقرأها. هو يدق لك جرس الإنذار. لكنك تهمل هذه الرسائل، أو أنك لا تستطيع فكها. كنت أظن أن هذا الكلام نوع من تفسير الأحلام على الطريقة القديمة حيث يخبر الحلم عن الأحداث التي ستحدث في المستقبل. لكنني بعد ذلك الحلم صرت على الأقل مستعدا لأن أسمع ما قاله يونغ.
غير أن السؤال هو: كيف نجد وسيلة ملائمة لالتقاط رسائل أجسادنا وفهمها، وكيف نميزها عن ألاعيب الأحلام الأخرى؟
الكاتب: زكريا محمد
المحرر: عبد الرحمن عثمان
*هذا النّص لا يعبّر بالضّرورة عن وجهة نظر دوز
2017-08-31 || 17:51